حمى الجسم مؤذية وصعبة، وكلنا قد جربها.

الحمى هي وسيلة دفاعية يقوم بها الجسم، بتسخين نفسه حتى يقتل البكتيريا الضارة التي لا تتحمل الحرارة مثل ما تتحملها خلايا الإنسان.

لكن الطبيب لا يستطيع أن يلوم الجسم لأنه قام بالحمى، وأن يستمر بإعطاءه خافضات حرارة تاركا الميكروب يعيث فسادا في جسده، هذا لا يسمى طبيبا بحال.

حين يعطي الطبيب خافضا للحرارة، فإنه في نفس الوقت يحقن الجسم بمضادات حيوية لا تقتل الميكروب قتلا بطيئا عن طريق التسخين، بل تقتله قتلا صاعقا، وحينئذ لا يعود من ضرورة لحمل سلاح ولا لقتال أحد حين يسقط نظام الأسد.

على كل من يزعم أنه يريد إسقاط الأسد عن طريق إلقاء ماء الياسمين في دربه، أن يعطينا بديلا معقولا ومنتجا ومنهيا للمشكلة التي أدت إلى حمل الناس السلاح للدفاع عن أنفسها في وجه آلة القتل الأسدية.

ما نراه هو لوم للإنسان أنه إنسان، لأن الذئبة تحرس نطفتها وتعتز النملة بثقب الأرض، والإنسان السوي يرفض المستبد لأن الله قد خلقه حرا مريدا، له الحق أن يرفض حتى أمر الله له متحملا وحده عاقبة ذلك. فحين يرفض المستبد فإنه يرفضه بالسيف والبارود، حتى يكون عبرة لمثله.

من يرى حياة تحت الإستبداد ويحرص عليها ليس إلا من وطأ للمستبد السبيل وذلل له الصعاب، وكسر له النفوس، حتى بات الناس ليسوا بأكثر من أقنان وعبيد يتبارون في امتطاء السيد لهم.