واشنطن بوست : بندر بن سلطان هو القائد الفعلي للثورة الإسلامية السورية مثلما كان قائد الثورة الأفغانية

09 أيلول 2012 04:09 عدد القراءات 5264
Share on facebook Share on twitter Share on email Share on print More Sharing Services 29

السعودية تنفذ أجندة خاصة بها في سوريا تقوم على تفجير صراع مذهبي في المنطقة كما فعلت في العراق ولبنان، وعلى واشنطن أن تكون حذرة من الانسياق وراءها

واشنط، الحقيقة(خاص من : وائل علاّم + التحرير): قالت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لمراسلها الأبرز لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد أغناتيوس، إن الوضع الحالي في سوريا الآن يشبه إلى حد كبير الوضع في أفغانستان خلال الثمانينيات لجهة ما يتعلق بالدعم السري الذي تقوم به وكالة المخابرات المركزية وحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط للمعارضة السورية. فكما في أفغانستان إبان تلك الفترة، يقوم ضباط وكالة المخابرات المركزية الأميركية المنتشرون على الحدود الأردنية والتركية مع سوريا بمساعدة المتمردين في مجال القيادة والسيطرة والأنشطة الأخرى. كما أن الجهة التي مولت حرب "المجاهدين" الأفغان (السعودية) هي نفسها التي تقوم بتمويل الحرب السرية في سوريا . وفي الحملتين كلتيهما، الأفغانية والسورية، هناك شخص واحد مشترك يدعى بندر بن سلطان ، رئيس جهاز الاستخبارات السعودي. وتوضح الصحيفة بالقول "في الثمانينيات ، كان بندر بن سلطان سفيرا لبلاده في واشنطن، وقد تولى آنذاك تمويل عمليات وكالة المخابرات المركزية الأميركية في أفغانستان، وهو الآن رئيس للاستخبارات السعودية، ويقوم بالدور نفسه في سوريا لجهة تشجيع العمليات(السرية) في سوريا". إلا أن التقرير، وبعد أن يشير إلى "الإيجابية" المتمثلة في إخراج السوفييت من أفغانستان، يقول إن الجماعات الإسلامية التي كانت مدعومة من وكالة المخابرات الأميركية شقت الطريق إلى عقود من الفوضى والتطرف الجهادي الذي لا يزال يهدد أفغانستان وجيرانها ، بل وحتى الولايات المتحدة نفسها. وهذا ما تحسب له إدارة أوباما الآن ، وما يجعلها حذرة في دعم المتمردين السوريين. وينصح التقرير الإدارة الأميركية، انطلاقا من التجربة الأفغانية، بأن تكون حذرة في دعم الاستراتيجية السعودية المطبقة الآن في سوريا . فما يقوم به السعوديون اليوم في سوريا ( حرب سرية وتصدير الجهاديين وتمويلهم) ،إنما الغرض منه هو إبعاد الجهاديين المعارضين لنظام حكمهم الأوتوقراطي ، وجعلهما يقاتلون بعيدا عن أراضي المملكة (حديث الصحيفة يعيد هنا إلى الذاكرة تقارير استخبارية أكدت أن السعودية أطلقت المئات من معتقلي"القاعدة" من سجونها مقابل ذهابهم للقتال في سوريا).

وإلى ذلك ، تقول الصحيفة إن ما تقوم به السعودية هو تغذية الصراع المذهبي بين السنة والشيعة في المنطقة، والسعوديون يعتبرون الأسد "العلوي" جزءا من "الهلال الشيعي". لكن "المعركة الطائفية( التي تقوم بها السعودية في المنطقة) سامة ومدمرة ، وهي من النوع الذي دمر العراق ولبنان ، وهي توشك أن تغرق سوريا في الجحيم ذاته". وعلى الولايات المتحدة أن تبتعد عن دعم العنصر الطائفي في هذا الصراع الذي تؤججه السعودية.

مقابل ذلك، والكلام للصحيفة، على الولايات المتحدة أن تعمل يجد ( بشرط أن يكون ذلك سرا) لدعم "العناصر العقلانية" في المعارضة السورية والحد من نفوذ المتطرفين . وقد تجاهلت الولايات هذه السياسة في أفغانستان ، حيث سمحت للباكستان ، ومن خلال التمويل السعودي، بدعم المقاتلين الذين تشاؤهم . وهؤلاء أصبحوا لاحقا من بين أكثر العناصر تطرفا. وعلى واشنطن أن لا تكرر الخطأ نفسه في سوريا.

وأخيرا، يدعو التقرير الإدارة الأميركية إلى لعب"الورقة القبلية" في سوريا كما لعبتها في العراق، فلعلها تكون الحاسمة في الصراع ضد نظام الأسد. فزعماء القبائل في سوريا لديهم ثأر دموي مع الأسد ، ويمكن استغلال ذلك ، فهؤلاء يمكن أن يؤمنوا أيضا وقاية من نمو "القاعدة" وبقية المنظمات المتطرفة في سوريا.

ما يخيف في سوريا، والحديث لم يزل للصحيفة، هو أن"القاعدة" تقاتل بالفعل في سوريا ، وعناصرها يعدون بالمئات ، هذا فضلا عن مقاتلي "القاعدة" الذين يأتون من منطقة الموصل في العراق عبر الحدود السورية.

عصابات المعارضة المسلحة تصفي بعضها بعضا :

وإلى ما تقدم ، ولكن على صعيد الصراع المسلح بين عصابات ومجرمي"الثورة الإسلامية المسلحة" في سوريا، تستعيد "نيويورك تايمز" موضوع التقرير الذي نشرته"الحقيقة" قبل يومين ، حول تصفية زعيم "القاعدة" ( "جبهة النصرة") في شمال سوريا ، أبو محمد الشامي ( فراس العبسي) ، فتقول إن مقتل العبسي، رئيس «مجلس شورى الدولة الإسلامية» قبل يومين عند معبر "باب الهوى"، سلط الضوء على حجم الخلافات المتزايدة في أوساط المقاتلين السوريين، لا سيما بين التابعين لـ«الجيش السوري الحرّ» وأولئك المنتسبين لـ«القاعدة». فالعبسي، المعروف بأنه مقرّب من «القاعدة»، اختطف قبل أيام ثم قتل طعناً بالسكاكين عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا. وقد اتهمت جماعته «كتيبة الفاروق» التابعة لـ«الجيش السوري الحرّ» بقتله، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين.
وتأتي هذه الحادثة في وقت شديد الحساسية بالنسبة للمعارضة السورية، حيث تتوالى التقارير عن حجم الانقسامات التي تنخر بجسمها لا سيما بين المقاتلين «العاديين» و«الجهاديين»، بينما يجهد الغرب وحلفاؤه لتوحيد صفوفها أو أقله التغطية على انقساماتها.
وفي تقريرها هذا، تسلط «نيويورك تايمز» الضوء على «التصفيات» التي بدأت بين المقاتلين، فتشير إلى أن مقتل العبسي، الذي يتولى كذلك مسؤولية «جبهة النصرة»، بات خطراً بعد أن دعت عائلته، كما «مجلس شورى الدولة الإسلامي»، إلى الأخذ بثأره بأقسى الوسائل . وازداد الأمر خطورة بعد أن تمّ تحديد الجهة المسؤولة عن مقتله وهي «كتيبة الفاروق» التي تعتبر، وفق الصحيفة، فاعلة في حمص. علماً بأن تنظيم «القاعدة» قال إنه حدّد الجناة بعد أن قام شهود عيان بتصوير واقعة اختطاف العبسي وتدوين رقم لوحة السيارة، في وقت نفت "كتيبة الفاروق" مسؤوليتها عن الحادث. وتشير الصحيفة إلى أن معلومات سابقة كانت أفادت بأن إسلاميي «القاعدة» المتواجدين على معبر باب الهوى يقيمون علاقات تنسيق حسنة مع الأمن التركي، في حين كان هنالك تأزّم في العلاقة مع "الجيش الحر"، وهو ما دفع إلى اشتباك سابق بين «الجيش الحرّ» و"القاعدة".

وفي ظلّ «العداوات» الكثيرة التي كانت ضد العبسي، يحمّل البعض المسؤولية عن مقتله للنظام فهو كان مقاتلاً ناشطاً عند معبر باب الهوى، وقد أراد النظام أن يعاقبه، فضلاً عن أن بعض المقاتلين لفتوا إلى أن النظام يستفيد من مقتله، لأن ذلك سيؤجج النزاعات "العقائدية" بين المقاتلين، لا سيما أن «كتيبة الفاروق» يديرها عبد الرزاق طلاس وهو مقرّب سابق من النظام.
في المقابل، رأى بعض المقاتلين أن الاستخبارات الأميركية قد تكون مسؤولة عن مقتله، وقد طلبت من المقاتلين في «كتيبة الفاروق» تصفية العبسي.
يُذكر أن العبسي هو من أصل سوري، وقد ولد في جدة في السعودية العام 1973 ونشأ هناك. وبعد تخرجه في الثانوية عاد إلى موطنه في حلب، والتحق بالجامعة ليتخرج في كلية طب الأسنان.
وكان العبسي هاجر للجهاد في أفغانستان، حيث التقى "أبو مصعب الزرقاوي" والتحق به، ثم عاد للسعودية قبل عملية 11 أيلول/ سبتمبر 2001 بفترة وجيزة، كما عاش في السودان لفترة قبل عودته إلى سوريا العام الماضي.