عزيزي، أنا عشت في لبنان وسورية والأردن قبل غربتي هذه،

الجدل الديني الشهير الذي تعرفه هو أمر تورطنا فيه للأسف تبعا لمن كان من قبلنا من أحبار ورهبان وكتبة وفريسيين، تركوا ما ينفع الناس واشتغلوا في عدد الملائكة التي تقعد على رأس الدبوس، وكم هو عشر النعنع والسذاب، وكيف تذبح الدجاجة دون أن ترجع بالسكينة عليها، وتركوا الأرملة واليتيم والمسكين والضعيف نهبا لكل ظالم ومتجبر، تؤكل حقوق الضعفاء، ويرتكب الأقوياء ما يدينهم يوم القيامة، دون أن يسعى أصحاب الديانات إلى جبر ضعف هؤلاء، أو إنقاذ أولئك من ظلم أنفسهم وظلم العباد.

عزيزي إبراهيم، الجدل زبد، وما ينفع الناس يمكث في الأرض، كما قال تعالى
(أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ*17*) الرعد

لاحظ الصورة أن ما أنزله الله هو الماء الذي ينفع الناس، وهو واحد، وقد أتاه الزبد الجفاء من اضطرابه في الوادي الذي هو الإنسان، فلنخلص ما ينفع الناس من الزبد عزيزي إبراهيم، والكثير من الجدل يميت القلب ويطفئ جذوة الإيمان، ويجعل المرء جريئا على ضرب كتاب الله بعضه ببعض، فلا هو انتفع منه ولا ترك غيره ينتفع، كما هو مثل الكتبة والفريسيين الذين توعدهم المسيح عليه السلام بالويل لهذه الخطيئة بالتحديد، لأنهم أقفلوا أبواب السماء فلم يدخلوا ولم يدعوا أحدا يدخل.