الزميل في أشد التقديرات مخطئ، ومخطئ فحسب، وهذا خلق إنساني أن يخطئ الإنسان ثم يقرّ بخطئه ثم يرجع عنه، ولا شيء في خطأ قد رجع عنه صاحبه، فقد أخطأ أبونا آدم ورجع عن خطئه.

لكن حمرة الخجل تخجل ممن يجعلون الخطأ صوابا، ويقلبون الحق باطلا، فلأن الزميل من "جماعتهم" فهم لا يرون الخطأ جسيما، أو لا يرونه خطأ بحال.

وحين نربط هذا بمواقفهم السياسية، فإنه ليس عسيرا علينا أن نعرف كيف تحول الدكتور الدارس ببريطانيا، صاحب الفلسفة العريضة والألفاظ العميقة، نعرف كيف تحول إلى حالة شيطانية محضة.
طبعا على فرض أنه لم يكن شيطانا بالولادة ابتداء

فقد زين له مثل هؤلاء القوم سوء عمله فرأوه له حسنا، وأروه له كذلك، ثم جعلوا له الحق باطلا والباطل حقا.

ففي عرف هؤلاء، فإن حركة الإنسان الطبيعية لرفض الظلم ورفعه عن نفسه ككائن حي قبل أن يكون إنسانا حتى، في عرفهم هذه مرفوضة. وكيف يتحرك الإنسان وربهم الأعلى بشار يمن عليه أنه أبقاه حيا بعد أن قتل أبويه وإخوته وبنيه، ثم أجهز على فصيلته التي تؤويه؟ أولا يكفيه عدلا أنه قد بقي حيا؟

في عرف هؤلاء فإن حركة الأمة الطبيعية لأخذ حقها في السلطان، صار باطلا. فالأمة عند هؤلاء لا مكان لها إلا راكعة ساجدة مسبحة آناء الليل وأطراف النهار بمجد الطاغية المغتصب للسلطان.

وفي عرف هؤلاء، فإن الإغارة على العزّل الآمنين بطائرات ومدافع ودبابات ليست إلا بطولة وممانعة .


إن لم يكن في هؤلاء قد نزل قوله تعالى (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*)
وقوله (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ*)

عذرا أيتها الضباع فقد ظلمناك، إنهم شياطين.. يزينون سوء العمل لأنفسهم وغيرهم، والله مخرج ما كانوا يحذرون، والله غالب على أمره ولكن أكثرهم لا يعلمون.