عزيزتي السيدة إيلين،

حقيقة ليس مهما لدي إيجاد الحكم الإسلامي من عدمه في هذه المرحلة، المهم لدي هو اتساق من يطرح بما يطرح، وحين يطرح امرؤ ما شيئا غير الإسلام السياسي، بغض النظر عن حقيقة هذا المصطلح من عدمه، فإنه واجب علي تعريته، وبيان أن الإسلام السياسي لا علاقة له بطرح هذا التنظيم، والعكس بالعكس.

ما يهمني في هذه اللحظة هو استقرار مصر، وأن لا يكون إساءة استخدام الإسلام السياسي ذريعة لإعادة فلول مبارك إلى الحكم، وسلب الحكم من أصحابه الشرعيين وفق وجهة نظر الإسلام السياسي ووجهة نظر غيره، ألا وهم الأمة.

حين نقول الإسلام السياسي، فنحن قد صدرنا قولنا بالإسلام وختمنا بالسياسي، والإسلام هو الأمر الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والسياسي أي المتعلق برعاية الشؤون العامة الداخلية والخارجية.

حتى ينسجم الطرح مع الإسلام السياسي، لا بد من استناده فكرة وطريقة على الإسلام وحيا، بأن يستطيع طارح الرأي أن يدلل على صواب فكرته من كتاب الله وسنة نبيه، وأن يدلل على مشروعية طريقته بنفس الطريقة المذكورة.

هذا الأمر لا يقوم به الإخوان المسلمون، حقيقة لا أستطيع أن أصنفهم مع الإسلاميين لأنهم لا يطرحون شيئا له علاقة بكتاب الله وسنة نبيه في نظام الحكم، ولو سألناهم ما هو شكل الدولة الإسلامية التي يدعون إليها وكيفية الوصول إلى هذه الدولة بالطريقة الشرعية، لأعطونا مجموعة ضخمة من الأجوبة المتناقضة التي لا يستند منها أي جواب على الكتاب والسنة مطلقا، وأنا هنا في هذا المجلس أتحدى أي مؤيد للإخوان المسلمين أو أي أخ مسلم أن يطرح لي تصورا واضحا ومحددا لدى هذه الجماعة لماهية الدولة الإسلامية التي يدعون إليها، مدعما بالأدلة الشرعية. أريد شكلا واضحا ومحددا لهذه الدولة دون ميوعة ودون ليّ لأعناق النصوص، ودون استيراد شيء من الغير، وطريقة واضحة ومحددة للوصول لهذه الدولة بما يحقق ثوابتها وأركانها المنصوص عليها، طبعا بعد تحديد هذه الثوابت والأركان في القسم الأول.

وحين نقول دولة، فنحن لا نعني الحكم، وإن كان الحكم جزءا من الدولة، ذلك أن الدولة شخصية اعتبارية تنفيذية تقوم على مجموعة من الأفكار والمفاهيم والمعالجات السياسية التي يراد إيجادها في واقع الحياة. وتتمثل أي دولة في مجموعة من النظم، أحدها هو نظام الحكم، يعضد بعضها بعضا.
الأنظمة المحددة لأي دولة لا تقوم بمعزل عن فكرة أساسية مشتركة بين الأمة والدولة، على أساسها يتم بناء العقد الإجتماعي بين الأمة والدولة، وعلى أساسها يتم بناء سائر الأنظمة واشتقاق الدستور وسائر القوانين، ودون هذه الفكرة الأساسية فلن نحصل على أكثر من مجلس بلدي للخدمات أو مخترة إقطاعية.

عندي طروحات الإخوان المسلمين، منذ حسن البنا حتى يومنا هذا، لم أجد فيها أي شكل واضح ومحدد للدولة عامة والدولة الإسلامية خاصة، وكيفية بناء الدول عامة والدولة الإسلامية خاصة، ثم تصورا واضحا ومبنيا على النصوص الشرعية لأركان وقواعد الدولة وطرق بنائها.

من أجل ما تقدم كله، فإن نصيب الإخوان المسلمين من الإسلاميين هو نفس نصيب البعثيين من الإشتراكيين، وشعار الإخوان بأنّ "الإسلام هو الحل" لا يختلف عن شعار البعثيين "وحدة، حرية، اشتراكية"، هي مجرد شعارات خالية من المفاهيم العملية التي يمكن بناء أي عمل سياسي عليها.

أجل سيدتي العزيزة، الإخوان المسلمون ليسوا إسلاميين، ولا علاقة لطرحهم بالإسلام السياسي، الإخوان المسلمون يطرحون ما يرغب به الناس أو اعتادوا عليه بعد طلائه بديكور "إسلامي"، فهم لا يطرحون اليوم أكثر من دولة العكسرتاريا ومبارك، لكن بعد أن أطالوا لحيتها وقصروا ثوبها وألبسوها الجبة والعمة، وناولوها المسبحة والسواك. هذا الطرح لا علاقة له بالإسلام، وهذا الدستور الذي طرحه مرسي لا علاقة له بالإسلام، ولا يجوز أن ينسب هذا الدستور للإسلام مطلقا.

ولو قدر الله وابتلينا بمصيبة هذا الدستور واستطاع مرسي أن يمرره في الإستفتاء، فإنني سأقعد هنا مفليا مواد الدستور مادة مادة من المادة الأولى، لبيان أن الدستور علاقته بالإسلام مثل علاقة الدنمارك بالمنسف والكبة النية.