نكمل موضوعنا،

اللغة أي لغة هي مجموعة اصطلاحات ورموز وعبارات وألفاظ يتفق عليها قوم ليعبروا عن مقاصدهم ومعانيهم وأفكارهم. فاللغة المعينة هي اصطلاح هؤلاء القوم تحديدا وليس اصطلاح غيرهم. وحين يريد غيرهم أن يتحدث لغتهم فإنه يتحدث بها على قواعد هؤلاء القوم وليس على ما يريد هو ويهوى، وإلا لكان يتحدث لغته الخاصة.

من يضع اللغة هم أهلها وليس جيرانهم ولا دارسي لغتهم من غيرهم. يعني أساتذة الأدب واللغة الانكليزية من كل أرجاء العالم باستثناء انكلترا، لا يملكون أن يضعوا للانكليز قواعد لغتهم الانكليزية البريطانية أو يصوبوا ويخطئوا لهم كمجموعة أو أن يصوبوا ويخطئوا للإنكليز ما أقره الإنكليز أنه من عيون وأعمدة الأدب الإنكليزي البريطاني British English Canon.

لو جمعنا أساتذة وكتبة وباحثي اللغة الانكليزية من الهند والسند وكندة وأمريكة وأسترالية وجنوب أفريقية وإيرلندة، وكل من نريد من خارج إنكلترة، فإنهم لا يملكون الحق في تخطئة الإنكليز لاعتمادهم رواية مرتفعات وذرنج لإميلي برونتيي كأحد أهم أعمدة الأدب البريطاني، بل ولا يملكون الحق في تصويبهم لذلك الفعل أيضا. وهم جميعا لا يملكون دحض عمل الإنكليز في اسقاط thou, thy, thine من لغتهم، رغم وجودها في كل من أعمال شكسبير وترجمة الملك جيمس للكتاب المقدس، واللذان كلاهما معتبر أحد أهم أعمدة الأدب واللغة الانكليزية.

باختصار لأن اللغة كائن متصرف، وهو يتبع للقوم الذين اصطلحوا عليها وليس غيرهم، وحين يستنبط غيرهم قواعد لغتهم فإن عليهم أن يعلموا أنه لا يوجد خطأ في كتاب وضعه القوم بلغتهم ولقي القبول لديهم، حتى لو كان فيه ما لا ينسجم مع القواعد التي نعرفها عن لغتهم.

مثال: النفي المزدوج، يعد النفي المزدوج Double Negation أمرا معيبا في لسان من يتعلم اللغة الإنكليزية... ويجدر أن نتجنبه ما أمكن، لكن هذا الأمر لا ينطبق على أهل شمالي انكلترا الذين يعد النفي المزدوج عندهم طبيعيا بل ويعتبرونه تأكيدا للنفي. فحين أسمع متحدثا طلقا للغة الإنكليزية من لبنان مثلا، ومتحدثا للغة الإنكليزية من أبناء اللغة من ليفربول، وأجد أن كليهما يستعمل النفي المزدوج، فإن المتحدث من لبنان مخطئ في لغته والمتحدث من ليفربول مصيب في لغته رغم إتيانهما بنفس الجملة. ببساطة لأن المتحدث من لبنان ليس من أبناء اللغة فلا يملك أن يعدل فيها ثم يزعم أنها اللغة الانكليزية البريطانية، بينما يملك متحدث ليفربول أن يصنع ذلك ما دام يلقى القبول ويخضع لقواعد اللغة التي تتم ممارستها في حياته اليومية في شمال بريطانيا.