عزيزي أنس،

الموضوع ما فيه إحراج، إن كان الجواب بريحك وجاهز عندك وناطرنا نقوله، فما في داعي للجدال فوق البحث العلمي، فينا نعطيك اياه على التفصيل يللي حبيته بدون دوشة.

أما إن بدك تعمل بحث عن الحقيقة، وبدك تفهم اللغة العربية عموما ولغة القرآن خصوصا، بل اللغات بعمومها، فالمفروض بنظري أن لا يكون بحثك مرتكزا على حقيقة مطلقة تستند عليها من باب أن بحثك يجب أن يثبت عدم وجود الله، أو أن محمدا ليس بنبي، أو غير ذلك من الأيدولوجيات.

لاحظ أن بحثي معك من أوله لآخره لغوي بحت، ولم أستدل بدليل واحد غيبي، ولا بدليل عقلي يؤدي إلى إيمان بغيب.

موضوع إثبات أن القرآن فيه خطأ لغوي يا عزيزي يبلغ من التهافت حدا أنه لا يؤبه به، بس القصة وما فيها أنني في هذا الوقت تحديدا أقوم بدراسة موضوع السيميائيات واللغويات واللغة واللغة العربية بشكل موسع، فلقيته مناسبة أن أفكر معكم هنا بصوت مرتفع، والتفكير وردود التفكير تفيد الجميع، كما قال المثل الصيني، إن أعطيتك عملة وأعطيتني عملة، صار مع كل واحد منا عملة واحدة، وإن أعطيتك فكرة وأعطيتني فكرة صار مع كل واحد فكرتين.

بالمناسبة، الزميل دكتور أكس يطرح نفس فكرتك، لكن على ما يبدو أنك لا تقرأ ما يكتب، أن تريد أن تجد جملة مفيدة واحدة من هذه الجمل حتى تقتنع بكلام كاتبها "الله غير موجود"، "محمد ليس بنبي"، "القرآن لا يصلح أن يكون كتاب لغة أطفال". فظننت أنه يطرح شيئا معاكسا لأن الزميل يعي ما يطرح، ويطرح ما يعيه. ويذكر أفكارا لها رجعها في الواقع، ولا يتخذ من أيدولوجيا سابقة سببا لموقفه. فنصيحتي لك زميلي العزيز أن تعيد قراءة ما كتبه، ففيه ما يغنيك عن كل هذه الشؤون.

من العجيب أن نتخذ مستشرقين أعاجم كمصادر للبحث اللغوي، وهو يشبه أن نحضر مجموعة من الناطقين باللغة الانكليزية من شبه القارة الهندية ونجعلهم المتحكمين بقواعد اللغة الانكليزية في الجزر البريطانية. ومن العجيب أن يكون من لا يجيد اللسان ولا يدرك أبعاده هو الحكم لأبناء نفس اللسان، ومن الأعجب أن ينصرف مولدي اللسان، وهم كل من نطق اللسان تبعا لأبناء اللسان أو ممن فسد لسانه من أهل اللسان نفسه، من الأعجب أن يجعلوا الحكم على لغتهم ولسانهم هو رأي المستشرقين ويتركوا رأي أهل اللسان نفسه.

أريد اعتراضا من أهل اللغة، قريش والقبائل العربية الفصيحة، على لغة القرآن أو خطه.. وهو الأمر الذي لا يوجد.

فإن كان أمر قد تقبلته العرب مثلما هو، ولم تجد فيه عجمة ولا لحنا، فبالحري أن لا يجد المولد أو الأعجمي فيه ذلك.