بدون الدخول في سفسطائيات لا طائل لها....الامور بالنسبة لي واضحة وضوح الشمس...انا اول من تنبأ بان سوريا انفجرت ولن تعود كما كانت في يوم 15 اذار 2011 ...وانا اول من تكلم عن ان النظام امامه حل من اثنين لمواجهة الثورة ...اما الاستقطاب الطائفي للعلويين والاقليات او فتح جبهة مع اسرائيل وذلك في شهر ابريل 2011 وتجدونه مسجل بالتاريخ في منتدى العاصفة.

الثورة هي حالة استثنائية انفجارية ليست تفصيل على مقاس عقل هذا او ذاك...الثورة يشارك فيها اللصوص والمثقفين بنفس القدر...والفوضى هي المرادف الحقيقي لكلمة الثورة....هي تشبه حالة "الانفجار الكوني" الذي سبق الكون استنادا للقاعدة التي تقول:"الفوضى تفرض قواعد النظام".....
في سوريا نحن لسنا امام ثورة عادية،انما حالة "فسخ" لعقد اجتماعي تم كتابة بنوده بالسلاح والقوة على مدى 40 عاما...تسلطت فيه اقلية على الحكم (7% من كل الطوائف عمادهم زعران العلويين) ...هذه الاقلية سخرت كل موارد البلاد لتثبيت اقدامها ومكتسباتها...ما يجري بسوريا من قتل وتدمير هو يشبه "التفاوض" بين طرفين على كتابة عقد...كل طرف يفرض قوته لكي يفرض شروطه التي سيدونها في العقد الجديد القادم..هذا من الناحية الداخلية.
اما من الناحية الخارجية فحافظ اسد امريكي ولو جلس في حضن خرتشوف كما قال احدهم عن ناصر....فحكم الاقلية في سوريا هو خط الدفاع الاول عن اسرائيل،وحكم الاقلية هو المرسخ للنفوذ الامريكي في المنطقة،وحكم الاقلية هو الداعم لملالي ايران الذي يخوفون الخليج ما يجعل الامريكان متواجدين بالمنطقة وملوحين دوما بالبعبع الايراني ومحافظين على النفط.....
ببساطة الثورة السورية ثورة استراتيجية تهدم كل ما سبق،وقد تكون الفاتحة لانطلاق منطقة قوية تمتد من تركيا شمالا الى اليمن جنوبا ومن العراق شرقا الى المغرب غربا....اما عواء البعض عن ان الثورة ناتوية وامريكية فهو كلام رخيص لا اشتريه بقشرة بصلة....لو ارادت امريكا اسقاط النظام...لارسلت طائرتين الى قصر بشار الكلب وقصفته...او اعطت معلومات استخبارية للجيش الحر عن مكان تواجده وكفى الله المؤمنين شر القتال....لكن هم يريدون ما يجري الان...اولا لحماية اسرائيل والمحافظة على ازدهار تجارة السلاح بعد الازمة العالمية واستنزاف المشروع النووي الصفيوني....ثانيا تدمير سوريا...ثالثا منع اقامة حكم ديمقراطي سيصوت اول ما يصوت على مواجهة الصهاينة -عن جد مو كذب ككذب بائع الجولان-.
هذه العقد التي تواجهها الثورة السورية....شعب بطل بكل المقاييس يواجه العالم باكمله...يقول لي احد الثوار من حلب يرى بام العين ما يجري:"اسقاط النظام وخلفه روسيا وايران سهل....ولكن ما الذي سيسقط امريكا واسرائيل؟".
باقي موشح حكم الاصوليات والحكي الفارغ لا يمكن لباحث موضوعي ان يقبضه بشعرة....اي شخص يتعرض للموت سيلجأ الى قوة خفية يعتقد انها تحميه....ونحن شعبنا شعب مؤمن بعقيدة "الابتلاء" ويرى فيها انها "رسالة" من الله يجب على هذا الشعب الامتثال لها والاقتراب من الله اكثر....الامر ليس سياسة ولا بطيخ...انما نتيجة منطقية لتعرض هذا الشعب للقتل والذبح واغتصاب الاعراض وانتهاك الحرمات ونتيجة منطقية ايضا لقيام حزب البعث بمنع كل اشكال التعبير الانساني في سوريا سوى بالمساجد والكنائس او اجتماعات الحزب وعليه ان يدفع الثمن الان.

اذن هل نحن امام حالة فوضى؟.....نعم نحن امام حالة فوضى هي احد النتائج المباشرة لما قدمه النظام على مدى 40 عاما...قتل كل علماء سوريا ....حارب كل مثقفيها...زج بهم في المعتقلات والسجون....قتل كل عمل مجتمعي جماعي....معتقدا ان ذلك سيحميه....لكن من "محرصه يأتي الخطرُ".....فهذه الحالة جعلت الثورة السورية فرديا لا ترتبط بقائد او رمز....وأتحدى كل رموز سوريا الان...كلهم...الدينيون والسياسيون والمثقفين ان يوقفوا الثورة......لذلك فالنظام عمليا سقط منذ مدة طويلة والان هو موجود بفضل اجهزة الانعاش الامريكية الاسرائيلية الايرانية الروسية....هذه الدول كلها لا تريد سقوط النظام....الا انه داخليا قد سقط.