عزيزي،

لا يوجد كلمة الدجال مطلقا في القرآن الكريم، ولا حتى على مستوى الجذر الثلاثي د ج ل.

مما تقدم، يكون مفهوم أن الدجال هي فتنة الذين قالوا اتخذ الله ولدا هو مفهومك لهذه الفتنة، وليس الوحي.

وتريد منا أن نبني عقيدة النبوة على مفهومك ومفهوم غيرك من البشر، دون بينة ولا برهان مبين، إن هو الا اتباع الظن.

قد نهاك الله تعالى أن تتبع الظن في إيمانك، فقال عز من قال:
(وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن وان هم الا يخرصون*116*) الأنعام
(سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا باسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن وان انتم الا تخرصون*148*) الأنعام
(وما يتبع اكثرهم الا ظنا ان الظن لا يغني من الحق شيئا ان الله عليم بما يفعلون*46*) يونس
(وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر وما لهم بذلك من علم ان هم الا يظنون*24*) الجاثية
(ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى*23*) النجم
(وما لهم به من علم ان يتبعون الا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا*28*) النجم

كل ما تقدم من الآيات الكريمة ينهاك عن الإيمان بالظن، كدأب الذين سبقوك من أهل الكتاب، لكنك عصيت ذلك كله وأقمت إيمانك على ظنون تظنها ورأي تراه لم ينزل في كتاب الله.

فرق كبير بين الوحي، وفهمك للوحي. قد يكون الوحي ذا معنى واحد لا يختلف، يكون النص حينئذ قطعي الدلالة، مثل قوله تعالى (محمد رسول الله) أو (شهد الله أنه لا إله إلا هو) أو (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)
أو قد يكون للوحي معان عدة، نعمل بما يغلب على ظننا منها دون أن نبني عقيدة عليه، مثل قوله (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) أو (وأتموا الصيام إلى الليل) أو فهمك لآية تتحدث عن أهل الكتاب أنها تعني المخلوق الأسطوري المتكني بالدجال.

أما الحديث الشريف، فما لم يثبت بوجه القطع أنه من رسول الله فلا يصلح أيضا لبناء العقيدة عليه، وإن صلح أن تستخرج منه الأحكام، ببساطة لأن الخبر يوصف بالصدق والكذب، أما الإنشاء مثل أحاديث الأحكام فلا توصف بالصدق ولا بالكذب مطلقا.

حين أقول:
"كذبت يهود، لا عذاب دون عذاب يوم القيامة" هذا خبر يحتمل التصديق والتكذيب

أما حين أقول:
"صلوا كما رأيتموني أصلي" فهذا إنشاء لا يحتمل التصديق والتكذيب.

لا يوجد حديث متواتر من الأحاديث اللفظية، وإنما التواتر في العملي، مثل أركان الصلاة وأركان الحج وما شابهها.

العقيدة لا تبنى إلى على اليقين، واليقين عقلي ونقلي، وصاحبك لم يأت بيقين عقلي ولا نقلي حتى نتبعه في أمره ونترك ما نحن عليه من يقين، فاتق الله عز وجل ولا تجعل له أنبياء لم يرسلهم ولم يأمرك باتباعهم، ولا ترمي الناس بأنهم يكذبون أنبياء الله، فمن كذّب نبيا فقد كذّب كل الأنبياء حتى لو زعم تصديقهم.

وقبل أن تزعموا في القرآن زعما، هلا عرفتم لغته ولسانه؟ أم تريدون أن تفرضوا علينا عجمة في القرآن لا نعرفها؟ من أي وجه تفرض هذا المعنى العجيب للآية والذي لا علاقة له بمنطق اللغة العربية ولا يشير إليه النص ولا حتى كناية؟