يا رحمة العاملي،

كل ما كتبته هنا ليس إلا اتباعا للهوى، ولا علاقة له بآل محمد ولا بمحمد.

لم نقول لك أنه اتباع للهوى؟

لأن الحكم الشرعي هو خطاب الشارع، وليس خطاب الهوى. ولم نرك قد وضعت شيئا من خطاب الشارع، حتى ولو كان من أقوال الأئمة الكرام الذين ترى أنت أنهم معصومون وأن أقوالهم امتداد للوحي.

لم نقول لك أنه اتباع للهوى؟

لأنك تكيل بمكيالين، ونستطيع بكل سهولة أن نستخرج من أفعال أهل الكساء عليهم صلوات الله وسلامه ما ينقض كلامك، وإني وإن كنت لا أراه وحيا، فإني أراه من أفضل الأفهام للوحي، أما أنت فتراه امتداد للوحي وتخالفه، بكل احترام لأهل الكساء.

نأتي إلى المهم،

من الغريب أن يستفيض الفقه الجعفري الاثني عشري بمسائل الأحوال الشخصية، فيفصل ويفسر ويخوض في أحكام العلاقات الزوجية، مؤسسا لنظامين زوجيين، دائم ومؤقت، ولكل أحكامه وأركانه وشروطه وموانعه وحدوده، ويخوض فيها بتفصيل تجده في كتب المسائل العملية. ثم ينسى أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم أخص وألزم وأشد خطورة من العلاقة بين الرجل والمرأة، فينسى الفقه الشيعي أن يضع أي أصل في الأحكام السلطانية، وتنظيم العلاقات بين الحاكم والمحكوم والسلطة والمجتمع، ويضع لها أحكامها الوضعية من أسباب وأركان وشروط وموانع وهيئة خاصة وتنظيم حقوق وتفصيل واجبات.

هذا قصور يجعل الإسلام كله ليس إلا شأنا شخصيا، ويخرجه من الحياة العامة، طبعا نتحدث بوصف التشيع الجعفري الاثني عشري هو الرواية الوحيدة الصحيحة للإسلام.

أما بالنسبة لسؤال سوريا،
فالزميل يريد من السوريين أن يبقوا تحت حكم الحاكم الظالم دون أن يقدم لهم البديل، فهل هذا هو الدين الذين تدعوننا إليه؟ وهل هذا هو المذهب الذي تدعو إلى استبصاره؟ وهل هذا هو الشأن الذي بعث الله به محمدا؟
أنت تقر معنا أن حاكم سوريا ظالم، وأن حزب البعث مجرم، وأن النظام القائم في سوريا فاسد مفسد. ثم لا تريد أن تقدم الحل.
هل لا تريد أن تقدم الحل لأنك لا تعرفه؟
هل لا تريد أن تقدم الحل لأن التشيع الجعفري الاثني عشري هو مذهب يوتوبي لا يملك حلولا لمشاكل الواقع، بل يسكن في الجنة الإفتراضية الموعودة على الأرض؟
هل لا تريد أن تقدم الحل، لأن الحل يتعارض مع هواك، أو مع مصالحك الشخصية أو المذهبية أو السياسية؟

أسئلة كثيرة لا أظن أنك ستستطيع أنت ولا فقهاؤك الإجابة عليها، لأنكم يا إنسان تعيشون في زمن آخر، ومشغولون بمشاكل أخرى. فلا يعنيكم قتل الناس وتشريدهم وظلمهم على يد حليفكم.

قد أكثرت في تذكيرك بأمر الله ونهيه حتى أظن أني قد أسرفت فيه، لكن الله يعلم أني قد أعذرت إليك وإلى من هو على رأيك، فالله يحكم بيننا، والحمدلله على ما تفضل به علينا من علم وهدى ونور، والسلام على عباده الذين اصطفى. والختام.