حكم العسكر شر مطلق، سواء أكان العسكر هؤلاء مؤيدون لمذهبي السياسي أم معارضون له. حكم العسكر شرّ بذاته، ولا يحتاج أن يولد شرّا حتى تتحرك الناس لإزاحته، وجودهم بالحكم مبرر قائم بذاته لإزاحتهم. العسكر هو مجموعة موظفين لدى الدولة، مأذون لهم بحمل السلاح، وأكثر من هيك ما بيطلعلهم. والدولة هي شخصية اعتبارية أجيرة لدى المجتمع والأمة، يعني العسكري موظف عند أجير، حارس على باب شركة أبونا، ما بيطلعله يحكم الشركة مطلقا.

بالنسبة لأتاتورك، لا نقبل أن تسقط دولة تركيا مجموعة من المقدسات لدى مجموعة من الناس فيها، وهي القرآن والإسلام ومحمد والأذان باللغة العربية، ثم تبقي مقدسات لفريق آخر. هذا اسمه تمييز وتحيز، والدولة ينبغي لها أن تكون حيادية أمام المجتمع. ومن يريد أن ينقد أتاتورك فله ذلك دون خوف من إرهاب الجماعة العالمانية التركية، ومن يريد أن يشهر به فمكانه ليس ساحة السياسة، بل ساحة القضاء. والفرق بين التشهير والنقد قد ذكره الدكتور أكس، بل وزيادة على النقد يجب أن يكون لكل تركي الحق أن يدعو لمخالفة أتاتورك إن شاء.

بالنسبة لأردوغان، فهو وكيل الأتراك، وقد أتى لحكمهم بوكالة شرعية عن طريق شرعي، لفترة محددة. فمن يريد أن يزيله فعليه أن يستعمل نفس الطريق الذي أتى به أردوغان، وإلا فإن الناس كلما عنّ لفريق منهم الفوضى قاموا وأغلقوا الطرقات وحطموا المصالح العامة والخاصة، وهذه فوضى. شعرة رفيعة تفصل بين الفوضى والثورة.

ما يحصل في تركيا مجرد إعادة مونتاج سيئة للربيع العربي على يد بعض المعارضة الحرامية الذين ورطوا تركيا في ديون ثقيلة بفسادهم الذي كشفه أردوغان. ولا أرى أن القضية تتعدى ذلك، فانتخاباتهم قريبة، والرجل اليوم في المغرب وكأنه لا شيء يحصل في تركيا.

بالمناسبة، الحزب الذي يقود المظاهرات في ساحة تقسيم وغيرها، كان من الأحزاب التي وافقت على مشروع تطوير الحديقة.

طبعا للأقلوياتيين العرب الموضوع كله لا يهم، ما يهم لديهم أن أردوغان تركي سني، وهو بالنسبة لهم هو ظل السلطنة الطويل الذي يرعبهم، فلا بد من خنق أي حركة سنية تركية حتى يلحق سنة الأتراك بسنة العرب، وينقرضوا، حتى يستريح الأقلوياتيين ويرثوا المشرق دون سنة.