الخامة التي اتت منها فتح و حماس و باقي الفصائل الفلسطينية هي خامة واحدة، فحتى ''الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين'' لا تختلف عن دكان فتح و دكان حماس. اذكر مثلا في الثمانينيات ان اولاد الطبقة البرجوازية في فلسطين، من اصحاب المصانع و كبار التجار، كانوا ينتمون للجبهة الشعبية، اذ ان الانتماء اليها كانت الموضة السائدة في ذلك اليوم! و اذكر مثلا في العام ١٩٨٦، عندما قصفت امريكا ليبيا، لتأديب القذافي (ادعى حينها انه فقد ابنته بالتبني بالغارة، ليتم اكتشافها بعد ان خُلع من ليبيا أنها حية ترزق)، صدع ''الرفاق'' رؤوسنا بوجوب مقاطعة البضائع الامريكية، في خطبة نارية القيت في تظاهرة خرجت من احدى مدارس رام الله، و التي لاجل الصدفة خرجت تلك المدرسة في اليوم التالي في رحلة الى مدينة ايلات الاسرائيلية، لنكتشف ان ''الرفاق'' لم يتعبوا انفسهم حتى بحمل طعامهم معهم من رام الله، بل فضلوا تناول طعامهم بمطاعم ''الامبريالية و الصهيونية'' هناك تشجيعا للسياحة فيها!
اما المحك الحقيقي ''للرفاق'' فقد كانت تجربتهم في بلدية رام الله، حيث نجحوا بالانتخابات البلدية الما قبل الاخيرة! فأداروا البلدية حتى بأسوأ من ادارة جمهوريات الموز، فتفوقوا على فتح باستخدام تكنولوجيا الواسطة و المحسوبية و الرشوة، بل حتى انهم استحدثوا مناصب و وضعوا لها مرتبات لا يتقاضاها حتى كبار موظفي بلدية باريس الكبرى، و زرعوا البلدية من بابها لمحرابها من اصغر آذن فيها الى مدير البلدية العام، (منصب مستحدث، لا نعرف اين تبدأ صلاحياته و اين تنتهي و ما الفرق بينه و بين صلاحيات رئيس البلدية)، من الرفاق!

يعني باختصار شديد، الفساد يطال الجميع و هو على ما يبدو صفة ملازمة لجميع الفصال الفلسطينية دون استثناء، و عملا بالمبدأ القائل ،اعطي خبزك للخباز و لو أكل نصفه، تبقى فتح ذات الخبرة الدولية و الدبلوماسية و الادارية، الاقدر على ادارة الامور بعيدا عن الخطاب السياسي المتخشب من الخمسينيات الذي ما زالت تتمكيج به الجبهة الشعبية و بعيدا عن التخلف الديني التي تحمل لوائه حركة حماس.
فللاسف هذا الخيار الوحيد المطروح!

ملاحظة: لم انتمي في حياتي لأي فصيل فلسطيني!