{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
حدّوتة مصرية ... قصص المصريين و شهاداتهم حول ما جرى
fancyhoney غير متصل
واحد من الناس
*****

المشاركات: 2,545
الانضمام: Apr 2005
مشاركة: #3
RE: حدّوتة مصرية ... قصص المصريين و شهاداتهم حول ما جرى
تسلم الأيادي - من البندقية للقلب

مصر كلّها تنتظر الخطاب الذي سيحدد مستقبل العالم. الفريق عبد الفتّاح السيسي أعطى مهلة 48 ساعة لمحمد مرسي لينظف ما سكبه على الأرض. مرسي يفشل. اللحظة الحاسمة تحين. السيسي الآن على التلفاز، يخاطب الشعب المصري العظيم ليشرح كيف ولماذا قرر أن ينقذ البلد من مصير مظلم.

السيسي وراء منصّة خشبية يلمع ورنيشها الرديء تحت وهج مصابيح الإضاءة الصارخة. في وسط قاعة رخامية قاطعاً الطريق إلى سلّم صاعد. عن يمينه وعن يساره يجلس أشخاص في بذل وجلابيب وما شابه يستمعون في خشوع لما يتلوه.

صوت السيسي يرنّ في القاعة الرخامية بصدى مزعج، مشتت بين الورقة المكتوب فيها البيان وبين تسديد نظراته عديمة الإحساس إلى الكاميرا التي تصورّه، وبين مخارج ألفاظه الصّدئة وأخطاءه اللغوية المذهلة.

كاميرتان تصوّران المشهد الأسطوري. الكاميراتان تقريباً ملاصقتان لبعضهما البعض، لا فرق بين التكوين في كلتاهما سوى أن إحداهما تريك منظراً واسعاً للمشهد، والأخرى تريك منظراً قريباً.. إنتظر! الأمر ليس بهذه البساطة. الكاميرا ذات المنظر البعيد ستفعل شيئاً لم ترى مثله من قبل، ستقترب صورتها ببطء من وجه السيسي. هذا ليس كل شيء! سيقطع المخرج المجهول إلى الكاميرا الثانية التي هي بالفعل تعرض أيضاً منظراً مقرّباً للسيسي، ثم تحدث المفاجأة.. ستبتعد الكاميرا تدريجياً عن وجه السيسي لتريك منظراً واسعاً للمشهد بأكمله!

لم تكن رداءة الصوت هي السبب الرئيسي في فقداني لتركيزي أثناء مشاهدة "الخطاب". تهتُ وشردتُ بعيداً جداً في أعماق لا وعيي السينمائي، محاولاً البحث عن معنى لتلك الرسالة البصرية التي يحاول إيصالها المخرج الذي ولّد هذه اللحظة التاريخية من رحم رجل يرتدي بزّة عسكرية. هل يريد أن يقول: "الجيش كلما إقتربت منه إبتعد عنك؟" أم العكس؟ هل ما أشاهده هو محاكاة لمشهد الأرجوحة الشهير في 40% من الأفلام الرومانسيّة المصرية، حيث يدفع البطل بالبطلة بعيداً في الهواء قبل أن يعيدها قانون القصور الذاتي إلى أحضانه في رمزية واضحة لتقلبات العلاقة العاطفية المتكررة ونهاياتها السعيدة دائماً؟ أم أن ما أشاهده هو في حقيقة الأمر تجربة - ما بعد حداثية - ورسالة ضمنية لفنّاني أوروبا وأميركا بأن الهوّية المصرية الفنّية قادمة رغم أنوفهم وأنوف مراكزهم الثقافية المشبوهة التمويل؟

..من المفهوم أن يكتب شخص مثلي في صراع عقائدي مع المؤسسة العسكرية وما ترمز إليه من قمع وفساد، مقالاً يسخر فيه من خبرات المؤسسة العسكرية الفنّية، مستغلّاً عملاً فنّياً مثل هذا لفضح هذا الفشل وتفنيده من وجهة نظر فنّية. ولكن في الحقيقة، ليس هذا ما أحاول فعله الآن، ليس هذا ما أضيّع فيه وقتي ووقتك، وليست تلك الأخلاق التي تربّيت عليها.

تذكرتُ كتابًا - نسيته الآن (!) - كان يعرض منشوراتٍ ألقاها الجيش الأميركي على أفغانستان والعراق أثناء العمليات العسكرية فيها. يريك الكتاب كيف صمم الجيش الأميركي منشورات أعّدت خصيصاً لتقنع سكان أفغانستان والعراق أن أميركا ليست الشيطان. أول ما سيلفت نظرك عندما ترى نماذج تلك المنشورات هو مدى سوء تصميمها، بالمعايير العالمية الإستهلاكية السائدة. التكوينات مرتبكة للغاية، ليس هناك جهد على الإطلاق لإضفاء عمقٍ فنّي من أي نوع على المطبوعة. فإذا كانت الرسالة التي تحملها المطبوعة هي "أبلغ عن بن لادن وسنعطيك المال" فما تراه هو صورة رديئة لبن لادن بعدها صورة لبن لادن وراء القضبان بعدها صورة لـ"كومة" من الدولارات!

" تباً للجيش الأميركي ولقبحه"، هو أول إنطباع سيسيطر عليك. "عندما يتعلّق الأمر بالفن فهم الأسوأ على الإطلاق، إنظر لمصمميهم وذوقهم الغليظ (؟!)". ولكنّ، عندما تُقلّب أكثر في النماذج ستبدأ بشكل غير واعٍ في رصد هوّية ما تظهر وتختفي في المطبوعات، ثم سينتقل بك الكتاب إلى القسم الخاص بالمنشورات التي تم توزيعها في العراق. مهلاً.. هذا ليس مجرد تصميم رديء! مهلاً.. هناك فرق كبير بين "قبح" - ودعنا نناقش هذا الوصف لاحقاً - تصميمات أفغانستان وبين "قبح" تصميمات العراق. هناك تواجد للغة بصرية من البيئتين بلا شك! المصمم ليس مجرّد مصمم "رديء"، بل إنّه يحاكي بشكل مدروس اللغة البصرية التي اعتادت عليها عين الأفغاني تارة، وعين العراقي تارة. إنه يتعمّد أن ينزع عن المنشورات هوّيتها الأميركية ويقرّبها من ذائقة المواطن الأفغاني لتأمنها عينه قبل عقله فتمارس من ثم دورها بسهولة.

لقد خاطب المصمم الأميركي في هذه التجربة ما رآه ذوقاً متدنيّاً لدى المتلقي، و"قبَّح" وسيلة التواصل معه - وفقاً لمعاييره هو عن الجمال - ليكسب ثقته ويتخطّى حاجزاً نفسيّاً بينهما. الجيش الأميركي يقول في هذا الموقف لراعي الغنم الأفغاني: "لا تخف منّي، أنا لست أجنبياً إلى هذا الحد. أنا أتحدّث لغتك، وأنا قبيح مثل كل ما يحيط بك. كُلْ هذا القمح الذي أسقطْتُه عليكَ من طائري الحديدي العملاق الذي قتل زوجتك، عن طريق الخطأ الجمعة الماضية. والآن أخبرني أين يختبئ بن لادن؟!"

الحاجز النفسي: أعلم أنّك لا تحبّني

أسير بطول الكورنيش متوجّهاً شمالاً نحو منطقة وسط البلد، في يوم جمعةٍ قرر ملايين المصريين الخروج فيه ليعلنوا للعالم حبَّهم لرياضة قتل الإرهابيين! لاداعي للقول طبعاً أن الكورنيش الآن هو بحر من البشر والشاحنات والبشر والسيارات والبشر والتكاتك المغطّاة بالبشر. أجواء كرنڤالية إحتفالية صاخبة، وهيستيرا من أصوات أبواق مشجعي الكرة، وصفافير الحكّام الرياضيين، وصراخ البشر وهتافاتهم. ولكن، هناك صوت ما، يطفو فوق كل هذا، بثقةٍ وأبديّةٍ أسطوريةٍ، كتنّينٍ صيني - لا نهائي الذيل - يتلوّى بطول الكورنيش. لا، ليس صوت الآذان. تخمينُكَ خاطئ أيها الإستعماري. إنها تلك الأغنية الملعونة، "تسلم الأيادي" التي يستمع إليها الجميع.

إذا كنتَ ممن تجمعهم علاقة طيّبة بأغاني التراث المصري التلفزيوني والإذاعي - ولا أظنّك - ستُلاحظُ على الفور أن الجملة اللَّحنية الرئيسية، والمكررة حوالي 530 مرّة بالأغنية، هي منسوخة من مقطع "تم البدر بدري.. والأيام بتجري"، من أغنية "والله لسّة بدري يا شهر الصيام" لشريفة فاضل، ولكن الكلمات مختلفة هذه المرّة.. "تسلم الأيادي.. تسلم يا جيش بلادي".

الجملة اللحنية هذه، محفورة في وجدان ملايين المصريين باعتبارها الموسيقى التصويرية للأيام الـ15 الأخيرة من شهر رمضان في كل سنة. مع لحن وقور، ذا لمسة شرقية بطعم حساء الدجاج الساخن، تتحدث كلمات الأغنية عن شجن نهاية رمضان غير المتوقعة، والشوق لرمضان القادم قبل حتى إنتهاء الحالي. أغنية ساحرة بإمتياز حجزت مكاناً مميزاً في التكوين الروحاني للمصريين. بل أنّني أستطيع أن أبالغ وأقول أن بعض المصريين يعتقدون في أن الإستماع لها في رمضان نوع من العبادة.

الفنان مصطفى كامل قرّر أن تكون تلك الجملة اللحنية العمود الفقري لتحفته العسكرية. إسم الأغنية والكلمة الأكثر تكراراً فيها هي "تسلم الأيادي". وهي عبارة يستخدمها المصريون في سياق تعبيرهم عن الإمتنان لمن حضّر لهم الطعام. مجدداً، تخاطب الأغنية معدة المستمع. كلمات الأغنية لا تختلف كثيراً عن أغلبية أغاني الشؤون المعنوية التي تُخبرنا عن روعة الجيش المصري المغوار، البطل، الخارق، المخيف والطيّب في آن، الحنون المحبّ لبلده، دون إغفال لـ مينا، (المسيحي الوحيد في مصر تقريباً الذي لا يذكر إسم سواه في أي أغنية تكّبد نفسها عناء التطرق لمسألة المواطنة!) مع فاصلٍ من المدح الشخصي المرمّز بالطبع، لشخص الفريق عبد الفتّاح السيسي متغزلاً في فحولته السياسية، ورجولته العسكرية، وصلابته الفيزيائية وأشياء أخرى من هذا القبيل.

وكأنّه يشكّل كتيبةً من القوّات الخاصة، أبدع الفنان مصطفى كامل في اختيار أبطال هذه الملحمة. أغنية مثل تلك، ليست مهمة رجل واحد، إنها معركة حربية مع أصحاب الأفكار الهدّامة وشمّامي الـ "كلُّه"، تقتضي الإعتماد على كل قوة ضاربة ممكنة.

الفنّان إيهاب توفيق، يكتسح بصوته الخارق للدروع، الميدان مجلجلاً بصيحة ما عن العام 73، متبوعاً بالمدفعية بعيدة المدى. تخرج الكلمات من حنجرة حكيم كقذائف المورتر محدودة الدقة. الفنّانان صاحبا البشرة المشدودة كطبلة، يفتتحان المعركة بأسلوب الصدمة والرعب.

إنبرت الفنّانة غادة رجب، والتي واجهتني صعوبة كبيرة في التعرف عليها بعد أن تغيرت ملامحها وأصبحت تشبه أمهات كارفور، للطلعة الجوية الأولى. وبعد أن تخلّت عن وقارها المعهود وصورتها الذهنية كفتاة رقيقة تغني لعبد الوهاب على المسرح جالسة، فيما اعتُبر وقتها ثورةً على تقاليد الغناء، تقف الآن أمام الكاميرا لتقوم بتعابير مريبة في وجهها، وصوتها الحاد يشق السماء كطائرات الـ F 16 التي لم تسلّمها أميركا لمصر بناءً على معلومات مغلوطة عن الشأن الداخلي المصري.

تتوالى الطلعات بعد ذلك بقيادة وحوش أمثال الفنّانة سومة، والفنانة بوسي اللتان بحثتُ مراراً عن أي تفسير غير جنسي للطريقة التي تم تقديمهما بها في العمل، وفشلتُ فشلاً ذريعاً.

وتتوالى بعد ذلك المفاجآت. الفنان هشام عبّاس المتهم بالتزوير منذ أسابيع قليلة، والفنان خالد عجاج الذي لن تنسى كيف قال كلمة: الكتاف، والفنان مصطفى كامل بنفسه، بل وأخاه أيضاً، والذي سيضفي على الأغنية طابعاً جنائزياً مفاجئاً. كما يظهر أخُ الفنان خالد عجّاج. وتظهر أيضاً محاكاة ثلاثية الأبعاد للفنان سمير الإسكندراني تم تنفيذها بدقّة عالية جداً لدرجة إنّك لن تميّز أنّها رسوم حاسوبية.

بغض النظر عن أن هناك تنويهاً واضحاً على الشريط المصوّر يدّعي أن الأغنية (أو الأوبريت كما يحلو لصنّاعه أن يسموه) هي محض إهداء من الفنان مصطفى كامل لقواتنا المسلحة الجميلة، إلا أن روح قطاع الشؤون المعنوية ورائحتها تفوحان من التجربة بعنف. مشاهد القوات الخاصة وهي تقفز في جميع الإتجاهات، واللقطات السريعة لصفوف الدبابات والطائرات التي ترسم قلوباً ووجوها ضاحكة لـsponge bob في السماء ممزوجة بالصور الدبابات التي تطلق صواريخها على الرمال، المحرّكة للمشاعر. يُذكر أن هناك "شكراً خاصاً" لقطاع الشؤون المعنوية يظهر في نهاية الشريط المصوّر.

الكل يعلم كم هي مكلّفة طلعات الهليكوبتر، ولكن ألا يدّخر الجيش المصري مبلغاً لطوارئ من هذا النوع؟ ألا يستطيع الجيش المصري العظيم أن يرفع سماعة هاتف ما في مكتب ما ويكون الطرف الآخر هو عمرو دياب؟ بالطبع يستطيع، ولكن لماذا لم يلجأ الجيش المصري لتلك الأمور في تلك اللحظة الفارقة من تاريخ مصر؟!

ربما لأن هناك حاجزًا نفسيًا؟ ربما لأن هناك رسالة؟ أو ربما لأن هناك مؤسسةً تخاطب فرداً لتهمس في أذنه: لا تخف منّي، أنا لست شريراً إلى هذا الحد، أنا أستمع مثلك إلى نفس الموسيقى، ولدينا ذوق متشابه في النساء، أنا قبيح مثل كل ما حولك، هيّا كُلْ المكرونة التي صنعتُها خصيصاً لك في مصانع الإنتاج الحربي، ودعنا ننسى عندما دهستُ زوجتك على الكورنيش عن طريق الخطأ بمدرّعتي الحديدية الكبيرة، والآن أنت تعرف ما عليك فعله..

ملحوظة: أثناء كتابة هذه السطور في الساعة السادسة والنصف صباحاً مرّت مركبة تحت منزلي يستمع قائدها لأغنية "تسلم الأيادي" بأعلى مستوى ممكن من الصوت


https://www.facebook.com/notes/jf-andeel...2028343309
09-03-2013, 11:47 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
RE: حدّوتة مصرية ... قصص المصريين و شهاداتهم حول ما جرى - بواسطة fancyhoney - 09-03-2013, 11:47 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
Thumbs Down خبر وصورة يحصدان غضب المصريين في دقائق Blue Diamond 839 217,847 07-05-2013, 09:42 PM
آخر رد: خالد
  اتهام حماس بقتل جنود رفح المصريين عمى قلب رضا البطاوى 0 433 03-14-2013, 05:22 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  ايها المصريين تعلموا من اقرب اقاربكم -الإخوان نسخة عن طالبان فضل 2 766 06-09-2012, 01:07 PM
آخر رد: لواء الدعوة
  ايها المصريين تعلموا من اقرب اقاربكم -الإخوان نسخة عن طالبان فضل 0 510 06-08-2012, 09:22 PM
آخر رد: فضل
  يا بخت من كانت امه مصرية ومش امريكانية vodka 1 590 05-15-2012, 08:25 PM
آخر رد: ahmed ibrahim

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS