لكن نحن لا نعيش في الماضي ولا نخضع له، ولا ندرسه إلا للعبرة، ولسنا مسكونين بقصص نهاية الزمان ونزول الكائنات الفضائية من السماء أو خروجها من باطن الأرض. نحن نعيش هذه اللحظة وهي الحاضر، وهذه اللحظة تتطلب إنسانا حرا فردا ومجتمعا.

أما النزاعات التي حصلت قبل بضع عشرة مائة سنة فلا تهمنا ولا نسعى لحلها أو تفسيرها إلا من باب العبرة، ومثلها كسر خشم الفرس في القادسية ونهاوند، ومثلها غيرها كثير. هذه قصص في الماضي من العيب أن نحييها لنعيشها، هذا شأن يصنعه فاضي الأشغال ونحنا مش فاضيين أشغال.

نحن يلزمنا خلع الاستبداد من بلاد العرب خاصة ومن سائر العالم عامة، خلعه خلعا كما يخلع المرء سنا مسوسا، خلع الاستبداد هو مهدينا وهو وظيفتنا في هذا العصر وهو الأمر الذي يتعبدنا الله به ونطيعه عليه لأنه الغاية من خلقنا.

أما أنت، فلا إخالك إلا منصرفا عن كلامي منصرفا إلى هواك وكثير من الظن الذي لا يغني من الحق شيئا وكثير من الفخر بالغير، وليت هذا الغير محايد مثل اليابان أو السويد، بل أنت تفخر بمن قتل أهلك وشرد قومك وجعل أراضيهم قيعانا بلقعا، وسامهم سوء العذاب. بئس الصنيع.