من كثر سعادة الروس، عم يقتلوا حالهم لحتى يأخذ واحدهم إقامة دائمة في دول الغرب الإمبريالية البرجوازية الرجعية القائمة على مص الدماء، حتى لو اقتضى بالروسي الحال أن يقوم بعقد زواج مع امرأة غربية أو رجل غربي، لا فرق.

خل نرجع للتاريخ، بما إنه الفلسطينيين رجعوا لما قبل الميلاد، لنشوف متى دخل التتار شبه جزيرة القرم؟

أول من سكن القرم في التاريخ الممكن تتبعه هم القرميون، وهم شعوب هندوأوروبية من أصول قوقازية وشمال إيرانية في القرن السابع قبل الميلاد،
ثم سكنها بعدهم السكوثيون، من نفس الأصول،
ثم صار اسمهم التاوريون، وهو اسم اغريقي وهو اندماج بين القرميون والسكوثيون،
بين القرن الثالث والثاني قبل الميلاد، كانت القرم دولة تسمى ممكلة البسفور، والتي خضعت فيما بعد للإمبراطورية الرومانية، فيما بعد للبيزنطيين، والعاصمة القسطنطينية،
خليط الشعوب الأوروبية والتتر المشترك، ومنهم تتر الهون المشهورين، سكن القرم منذ القرون الوسطى المبكرة واستمروا بسكنها مشكلين لاحقا خانية القرم التي خضعت لاحقا للسلطنة العثمانية وعاصمتها الأستانة،
بعد سقوط القرم بيد الروس في عهد كاترين الثانية في نهاية القرن الثامن عشر، لم تكن إلا مستعمرة روسية، يتم استيطانها أسوة بالمستوطنين الأوروبيين في كل المستعمرات الأخرى، من أمريكا الشمالية إلى الجنوبية إلى أفريقيا وآسيا وأستراليا، الخ...
أثناء الثورة البلشفية القذرة في روسيا، أعلنت القرم استقلالها بادئ الأمر باسم جمهورية القرم الشعبية، والتي هي أول دولة ذات أغلبية إسلامية تعلن نفسها دولة عالمانية، هذا عام 1917، قبل تركيا الكمالية وغيرها. كان رئيس هذه الجمهورية نعمان شلبي جيهان، التتري القرمي. انتهت هذه الدولة على يد البلاشفة كما انتهى غيرها من دول التركستان في وسط آسيا، أو القوقاز، وتم بلعها في الإتحاد السوفيتي البائد.
بعد إجلاء أهل القرم عام 1944، لم يذهبوا لاجئين في الدول التترية والتركية، بل تم نقلهم جبرا إلى سيبيريا حيث هلك الكثير منهم، واحتل المستوطنون الروس بلادهم وأراضيهم وبيوتهم، جاعلين من القرم بلدا "روسيا"، حتى أنكره أهله حين سمح لهم بالعودة عام 1989.. سمح لهم بالعودة كأقلية في بلدهم.. محكومين من قبل المستعمر الروسي في المنفى، محكومين من قبل المستوطن الروسي في الوطن.

لهذا، مبارك للقرم الربيع، وعقبال الربيع الإسرائيلي الذي يرسخ المستوطنين الشرق أوروبيين في فلسطين ويسمح للفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم المحتلة عام 1984 أسوة بالقرميين، كمواطنين درجة ثانية لا قيمة لصوتهم ولا ينظر لرأيهم في بلدهم.. هذا هو الربيع الذي ينادي به أيتام الإتحاد السوفيتي السابق.

حقيقة بعد كل هذا، فإنني أفهم سبب تشبث الروس بالبقاء في دول الإتحاد الأوروبي، فنعرف مثلا أن لاتفيا فيها أقلية روسية كبيرة، مستوطنة منذ العهد السوفيتي البغيض، ولم تترك لاتفيا إلى الجنة الروسية الموعودة، رغم انضمام لاتفيا إلى منطقة الإتحاد الأوروبي، بل حاولوا التسرب منها إلى سائر الدول الأوروبية للاستفادة من الفرص الإمبريالية البرجوازية الرجعية العفنة التي لا توجد في بلد المافيات وجنة الدنيا روسيا.

نأتي إلى رموز الممانعة والمماتعة، ومنهم العضو المشارك هنا الضفدع كامل، الذي ترك جنة العالم روسيا، وقبع في عقر دار الأمبرياليين، مستفيدا من حرية الرأي والتعبير لديهم والتي لو قام بربع ربعها بحق الروس في بلدهم، أو ثمن ثمنها بحق الطغمة الحاكمة في دول المماتعة، لتم تحويل ملفه هو وكل من يسأل عنه إلى ملك الموت، والبقاء لله، فإنا إليه راجعون، وجعلها الله خاتمة المصائب.

عظم الله أجوركم، وشكر سعيكم، والبقية بحياتكم..

أوبس، ليكه بعده عايش، صح نسيت إنه مش بدول الممانعة والمماتعة، بل بالدول الإمبريالية العفنة البرجوازية القذرة التي تعيش على مص دماء الشعوب والسباحة بين جماجم الأطفال. مثله الكثير ممن يحرصون على الهجرة إلى هذه الدول الإمبريالية ليشتموها، منهم من الإسلاميين بفرعي المعهد السني والشيعي، ومنهم من ديناصورات الشيوعيين العرب الذين باد سيدهم وبقوا بعده، ومنهم من العامة الذين مخذول من انتصر بهم، مهزوم من اتكل عليهم، ومنهم من لا يعبأ به، ومنهم الكثير.

هل ما يحدث في القرم ربيع؟
القضية نسبية، والربيع نسبي، فمثلا نسبة لشاه إيران ما حصل في إيران كان نكبة، ونسبة لمن لا يتبع رأي ولاية الفقيه سواء أكان من الشيعة أو العالمانيين أو الشيوعيين، فالقضية ربيع قصير أعقبه شتاء جليدي قاس، ونسبة لعلي نور فالدنيا في إيران ربيع والجو بديع وقفل على كل المواضيع. وهكذا القرم وغيره..

هل ما يحدث في القرم ربيع؟ وماذا عن قوصوة؟

وهل قوصوة كانت للأليريين أم للصقالبة؟ وهل تنصر الصقالبة جعل لهم حقا أكبر من الأليريين لأنهم أسلموا؟ هل للقوط حق أكبر في إسبانيا من الإيبيريين؟ هل كراهيتنا الشديدة للمسلمين والثقافة الإسلامية والثقافة العربية تجعلنا نقف بالضرورة ضد استقلال قوصوة لأنها أليرية ألبانية "مسلمة"، وضد استعادة تتار القرم لبلدهم من الروس لأنهم مسلمين، وضد وضد؟

هذه أسئلة كثيرة لا أزعم أنني أمتلك الإجابة عليها، بل ولا أطلب من أحد أن يجيب عليها، لكن الجدير أن يتذكر المرء مثل هذه الأسئلة حين ينظر إلى العالم، فمهما تبدل وتغير، ومهما كان دينه الأصلي أو المتحول إليه، فهو في نظر الغير عربي راكب للجمل متخلف عن ركب الحضارة، سواء كان اسم عائلته الخوري أم الخطيب، وسواء أكان يصلي للكعبة أم للشرق أو لا يصلي من أصله، وسواء كان من الموالين لعلي أم لعمر أم من الرافضين لكليهما، وسواء رأى أن الدين هو الضابط للحياة أم وجوب عزله عن الحياة أم أنه يجب نبذه، هو في النهاية زنجي الصحراء..

هل ما حصل في القرم ربيع إذن؟
ربما ما حصل في أوكرانيا ربيع، وذلك أزعج البعض هنا ممن داخل في شريط أوكرانيا، لكن ما حصل في القرم هو استئناف لاحتلال استيطاني طويل الأمد، مثل احتلال فلسطين سواء بسواء، وسترجع القرم تتارية تركية كما سترجع فلسطين عربية سواء بسواء.