سوف أرد على المداخلة الأخيرة ردا مطولا

كيف يكون حزب أردوغان هو حزب ديني وهو لا يدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية مثلا ولا يتبع لأي مرجعية دينية بل ولا ينادي بأي مرجعية دينية بالحياة السياسية والحزبية ولا يضع بين أهدافه تغيير المنظومة التشريعية لبلاده لتصبح دينية ، وكيف يكون حزب العدالة والتنمية حزبا دينيا ورئيسه يضع صور أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية العلمانية وفي كل تجمعاته الحاشدة ويفتخر به مع العلم ان أتاتورك بالنسبة للإخوان المسلمين وللإسلاميين هو مثل معاوية ويزيد عند الشيعة أو مثل الشيطان الرجيم أو أبو جهل عند المسلمين أو مثل فرعون ونبوخذ نصر عند اليهود.

ثم عن أي تقية تتحدث ، هذا الحزب يمتلك الأكثرية البرلمانية وأكثرية مجلس الوزراء ومعهم مؤسسة رئاسة الدولة منذ بدايات العقد الماضي فضلا عن سيطرته على المجالس البلدية ودعم الصناعيين وأصحاب رؤوس الأموال له ، يعني هو كان ولا يزال قادرا على تمرير أي قانون اسلامي يريده في هذا المجال لكنه لم يفعل.

بل كيف يكون حزبا إسلاميا وقادة الحزب وأتباعه لا يحملون أي سمات من سمات الأحزاب الإسلامية مثل اللحية ولا حتى الحجاب التي تميز هذه الأحزاب ، بل وكيف يكون حزبا دينيا وأردوغان يصرح بملئ فيه بأن العلمانية في تركيا هي خط أحمر .

لا يوجد في الخطاب السياسي للحزب أي فكر ديني أو تعبوي يستعمل النص الديني أو الرموز الدينية خلافا للأحزاب الدينية العربية ، العدالة والتنمية هو أشبه ما يكون بحزب محافظين غربي ينظر للإسلام كجزء من الهوية الثقافية التاريخية المميزة لتركيا وليس كأيدولوجيا للحكم مثل كل الأحزاب الدينية السنية والشيعية والصراع الذي دار في تركيا بين أردوغان والعسكر ومن يساندهم هو صراع بين علمانيتين وليس بين تيار ديني وآخر علماني.

لو كان أردوغان يرأس حزبا دينيا لرأيناه يطالب مثلا بتوحيد أقطار إسلامية وبإعادة الخلافة لكننا نشاهد بأم أعيننا أن قادة هذا الحزب لا يتوقفون عن السعي لانضمام بلادهم إلى الاتحاد الأوروبي المسيحي العلماني ولا يتوانى عن تلبية كل متطلبات الانضمام وخوض المعارك الديبلوماسية في سبيل تحقيق هذا الهدف.