لم أشاهد إلا بعض الدقائق في مقدمة الفيديو ؛ ولم أقرأ كل التعليقات في الموضوع.

لكن من خلال ما تسنى لي مشاهدته خلال الدقائق الوجيزة تبيّن لي سخف الفكرة فيه ؛ فهي تنطلق من خلفية كيدية مشبعة بالحقد الأسود ؛ وبالفعل كما قال الأخ خالد فهو نوعي من التنميط الذي يفترض في المتلقي إعاقة ذهنية تمنع عنه اكتشاف سخف الفكرة و غوغائية الطرح.

ومنذ البدء : فصياغة السؤال "هل تمثل داعش الاسلام الحقيقي؟" تافهة وساقطة ؛ وهي نوع من التلاعب المنطقي الذي يحاول بناء نتيجة صحيحة باعتماد مقدمات خاطئة ؛ فلو كان السؤال على منوال : إلى اي مدى تمثل داعش الإسلام الحقيقي ؟ لكان في ذلك ما يقال ؛ على اعتبار أن النقاش المنهجي سيتناول وجوه موافقة داعش للإسلام ووجوه المخالفة له .

على أن ما يحاول صاحب البرنامج إيصاله إلى المتلقي هو ينسحب على جميع الأديان السماوية الأخرى وكذلك الإيديلوجيات الوضعية ؛ وهكذا فالحكم الشمولي العام والنهائي والذي يحاول إسقاطه بدافع كيدي حاقد على الإسلام سوف ينسحب حتما على دينه المسيحي النصراني بالضرورة : فالديانة المسيحية لا تعوزها حركات إرهابية تستلهم عقيدتها الإرهابية من "الكتاب المقدس" وتعاليم رب الجنود الذي يدعو إلى قتل " كل رجل وامرأة . طفلا ورضيعا . بقرا وغنما . جملاوحمارا" ؛ ولن نعدم حركات إرهابية دموية مسيحية تعتمد التفسيرات الفقهية لتعاليم الدين المسيحي المستقاة من العهد القديم وتنتهج الإرهاب لتحقيق "أوقات النهاية" الموصوفة في العهد الجديد، أو لدوافع دينية ثيوقراطية صرفة.

لن اغوص في تاريخ الإرهاب المسيحي ؛ بل سأستلهم الحاضر وساستدعي حالة الإرهابي المسيحي " Anders Behring Breivik " الذي قتل حوالي 85 واصاب 151 شخصا في تفجيرات النرويج الشهيرة انطلاقا من خلفية دينية مسيحية فهو يقدم نفسه كـ "أصولي صليبي مسيحي" ؛ وما يقال عنه يقال كذلك على الحركات اليمينة المسيحية المتطرفة في أوروبا وأمريكا. والتوصيفات الذي اضفاها صاحب البرنامج من نحو أن الدواعش متدينون و ذوو خلفية دينية ومشروع مجتمع ثيوقراطي الخ الخ ؛ تلك التوصيفات تنسحب كذلك على حالة الإرهابيين المسيحيين ؛ وبالضرورة فالحكم النهائي الذي يحاول إقناعنا به سوف ينسحب حتما وقطعا وبالضرورة على الديانة المسيحية من خلال اعتماد النماذج الصليبية الإرهابية الدموية كممثلة للدين المسيحي.