حينما يتم الإشارة إلى غزة سواءاً في الإعلام الاسرائيلي أو في عموم الإعلام العالمي، يُشار إليها ككيان مستقل قد حصّل حكمه الذاتي وما يناله هو من جزاء فعله كأي دولة أخرى.
الدعاية الاسرائيلية تعتمد على "أخلاقية" تعامل منظمة الاحتلال مع أعداءها سواءاً أخلاقية الجيش الذي يُروّج له كأكثر جيش أخلاقي في العالم أو أخلاقية الحكومة الاسرائيلية (الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط) والتي تحافظ على صراعها مع الفلسطينيين في إطار المقبول، إذ أنها تزود غزة بالكهرباء والماء والأدوية والغذاء!.
هكذا تُسوّق اسرائيل نفسها شعبياً وعالمياً، وعلى ما يبدو فقد نجحت في استقطاب الرأي العالمي إلى جانبها خاصة بعد إعلان المانيا، بريطانيا، فرنسا وروسيا سواءاً بالتصريح المباشر أو المبطّن حول الأحداث الأخيرة أن اصبع الاتهام موجهة إلى غزة.
لوضع النقاط على الحروف نحن بحاجة للرجوع خطوة واحدة -فقط- إلى الوراء لفحص مدى صحة ادعاءات اسرائيل:

غزة ليست دولة مستقلة، فهي كيان مرتبط سياسياً واجتماعياً واقتصادياً بالضفة الغربية، كلاهما حسب المواثيق الدولية يشكلان الدولة الفلسطينية (المفترضة)، وكلاهما يرزحان تحت احتلال خارجي.
في صيف 2005، قام رئيس الحكومة الاسرائيلية آنذاك أرئيل شارون باخلاء المستوطنات في غزة، لكنه أبقى على السيطرة الفعلية البحرية، البرية والجوية بيد اسرائيل.

"الأحوال المدنية" لسكان غزة والضفة الغربية مُسيطر عليها تماماً من قبل اسرائيل، فكل عملية ولادة في الأراض الفلسطينية تُسجّل في وزارة الداخلية الاسرائيلية، وبعد 16 عاماً تُصدر له بطاقة هوية فلسطينية مصادق عليها من اسرائيل (والتي تضم كتابة باللغة العبرية أيضاً).

التساهل الاسرائيلي مع سكان غزة: بروباغندا اعلامية أخرى تبثها اسرائيل لتوصيف التعامل مع المدنيين الفلسطينيين في غزة متجاهلة قتل الصيادين الذين يسعون وراء لقمة العيش أو المزارعين الذين وصلوا إلى حقولهم قرب الحدود.

توفير المياه والكهرباء لسكان غزة: كذب.
اسرائيل تبيع 120 ميغاواط كهرباء لغزة بسعر كامل وهو ما يعادل أقل من ثلث حاجة 1.8 مليون غزّي في القطاع.
كان مدخول اسرائيل من بيع الغذاء والأدوية لغزة -والتي لا يوجد طريقة لتحصيلها إلا عبر اسرائيل- في عام 2012 حوالي 400 مليون دولار، مما يعني أن الاحتلال يعود بنفع اقتصادي هائل على السوق الاسرائيلي.
بالنسبة للمياه فقد فرضت اسرائيل اكتفاءاً ذاتياً على القطاع، إذ أن ما ينولها هو فقط مياه الأمطار والمياه الجوفية داخل حدودها وذلك بعد أن منعت الضفة الغربية من مشاركة مصادر مياههم مع غزة والتي بالمناسبة تسرق اسرائيل أكثر من 90% منها.
وبدافع الرحمة تقوم اسرائيل ببيع 5 مليون متر مكعب للقطاع رغم أنه وحسب التقديرات الاسرائيلية فالقطاع بحاجة لأكثر من 100 مليون متر مكعب مياه صالحة للشرب والاستحمام.
وبالمناسبة، 95% من المياه الموجود في القطاع غير قابلة للشرب لاختلاطها بمياه البحر أو بمياه الصرف الصحي.

مُترجم بتصرف عن مقال في صحيفة هآرتس.