الجواب أن داعش يراد لها أن توجد، يراد لها أن توجد ضمن حدود معينة مرسومة لها من قبل قوى كبرى.

صمت الجميع صمت القبور حين احتلت داعش الرقة بأسلوب مريب، وكذلك حين احتلوا الموصل، ولم لا، فبداعش يتم إفساد المشروع الإسلامي باسم الإسلام، ويتم ضرب دعاة الخلافة باسم الخلافة، وهي نبوءة قديمة على كل اطلعت عليها كتبت في بداية السبعينات من القرن الماضي. ويتم سحب مصدر قوة المركز الحضاري المنافس على طريقة وداوني بالتي كانت هي الداء.

أما العالمانيون العرب، والليبراليون العرب، فنتيجة فشلهم في الوصول إلى المجتمع ونقل ما يعتبرونه أفكارا إلى الناس لتحملها وتسير معهم إلى ما يريدون، فنجدهم قد جلسوا كجلوس اللئام على مال الأيتام، يفركون يديهم سرورا ويضحكون جذلين، هاقد أتت الفرصة السانحة للركوب على ظهور الناس بفعل قوم جلهم كانوا في الجهاز الأمني الصدامي، أيديهم ملوثة بدماء من دعوا للخلافة فعلا في السبعينات.

هذا البغدادي البدري يحيط نفسه بقوم كانوا في الجهاز الأمني الصدامي، الذي قتل عبدالعزيز البدري الأزهري العالم في وقت ما من القرن العشرين عن طريق تقطيع الأوصال.

قد نختلف مع المرحوم عبدالعزيز البدري في كثير من دعاويه، منها كيفية نظره إلى الخلافة نفسها، لكننا لن نختلف أن دعواه أنضج وأفضل من دعوى قاتليه اليوم.

هل تستطيع داعش أن تسحب القدرة على النهضة التي تتميز بها هذه الأمة، وتصنع ما فشل فيه الاشتراكيون العرب والعالمانيون العرب والليبراليون العرب؟
ما فشل فيه هؤلاء هو تدجين الأمة ونقلها من حالة المركز الحضاري الذاتي إلى حالة الهامشية الحضارية للغير والخضوع تمهيدا للموت.