مصرائيل منخرطة تماماً في المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وأي تحرك تقوم به يندرج ضمن هذا الإطار، وطبعاً لا يجب النظر للنظام المصرائيلي على أنه نظام سيادي يمتلك قراره بنفسه، بل هو خاضع بشكل شبه كامل للإرادة الأمريكية-التي تتحكم بالمعونة العسكرية للجيش والكثير من المساعدات الإقتصادية- وللإرادة السعودية الإماراتية التي تضخ لمصر عشرات المليارات من الدولارات منذ بداية الإنقلاب، وأتحدى كل مؤيد للنظام المصرائيلي هنا أن يصمد النظام المصرائيلي أسبوعاً واحداً فيما لو قطعت "حنفية" الخليج المالية .

وحتى الموقف البشع والحقير والنجس من قطاع غزة، يجب لعن النظام السعودي/الإماراتي قبل النظام المصرائيلي، فكلاهما مساهمين بشكلٍ أساسي في الحصار على قطاع غزة، وكذلك في هذه الحرب المشؤومة، وأما الحديث عن دور حماس في خلخلة الأمن المصري-وكله إفتراء ولا يوجد أي دليل واحد ملموس عليه-والدليل أن النظام المصرائيلي ما زال محتفظاً "بشعرة معاوية" مع حماس، وموسى أبو مرزوق ما زال مقيماً في مصر، فكيف تسمح مصر ببقاء رجل هو على رأس حركة "تزعزع" النظام المصري ؟

والقلق يا زميل خالد، يكمن في انعتاق غزة من زجاجة مصر -ولا يدري أتباع النظام المصرائيلي وربما يدرون ولكن يتجاهلون- ما قيمة غزة الإستراتيجية لمصر -بالمناسبة فتح مصر كانت بوابته غزة- وأنها تشكل المعبر الأول للقضية الفلسطينية -والتي أعطت لمصر مكانة إقليمية نظراً لمكانة القضية في التعقيدات الدولية- وأن إستقلال غزة التام، وتواصلها مع العالم الخارجي بدون أي وساطة مصرية أو إسرائيلية، يعني نجاح مشروع حماس المقاوم في إنشاء أول منطقة فلسطينية تمتلك مؤسسات سيادية منفتحة اقتصادياً، وهذا الأمر يقلق إسرائيل -لأن نجاح غزة يعني بالضرورة سعي الضفة لمثل هذا النجاح- ويقلق السلطة الفلسطينية -التي بنت كل رؤيتها السياسية على التفاوض كحل وحيد لإسترداد الحقوق وبناء الدولة- ويقلق مصر والتي ترى أن إستقلال غزة عنها يعني وجود تجربة ناجحة لتنظيم إخواني بالقرب من حدودها، مما يؤثر على الوضع الداخلي المصري .

وبالمناسبة، سابقاً -ويمكن الرجوع لكل خطابات وتصريحات النظام المصرائيلي- كان هذا النظام يتذرع بأن اتفاقية المعبر هي شأن فلسطيني فلسطيني، ثم شأن فلسطيني إسرائيلي، وبعد حل هذه المشكلات بين هذه الأطراف يمكن لمصر فك المعبر، ولكن غير النظام لحنه، واصبح يتحدث عن كون المعبر "شأن مصري فلسطيني" ثم شأن مصري خالص .

طيب خلينا نسيب كل هذا الموضوع، وننسى كل روابط الدين والعروبة ووو الخ، مصر هي المسؤولة عن إحتلال قطاع غزة وتسليمه للجيش الإسرائيلي، وبناءً عليه، عليها أن تعيد لنا غزة لوضعها الذي كان قبل سنة 1948، هل هذا صعب ؟