صار العالم العربي الإسلامي أرضاً مليئة بالهمجية والوحشية وقطع الرؤوس وما زالوا يقولون لك : "المشكلة في المسلمين وليس في الإسلام"، ولكن هل يوجد مسلمين دون إسلام؟ وهل حقاً المشكلة في المسلمين وليس في الإسلام؟ أم في اثنيهما جميعاً؟

لا أدري، ولكن ما أدريه هو أننا متخلفون منذ ألف سنة تقريباً، ومنذ ألف سنة والمسلمون العرب يعضّون على دينهم بالنواجذ ويقمعون كل حركة فكرية، قديمة أم حديثة، من خلال الدين وشيوخ الدين وأحكام الدين.

يتفشّى فينا الحقد والكره والتعصّب والجهل من خلال "قنوات الدين" (فتاوى، مؤلفات دينية لا قيمة لها في حياتنا سوى ترسيخ التخلف .. إلخ). وعندما نفطن إلى أنفسنا فإننا نحاول التصدي للتخلف من خلال الدين، فننتج "الوهّابية" و"الإخونجية" و"الداعشية في يومنا الحاضر" والنتيجة دائماً "تخلف في تخلف" و"خراء في خراء".

صرنا "معرّة" الأمم، وعالة على الحضارة، وعبئاً ثقيلاً على الانسانية جمعاء التي لا تعرف كيف تتصرف مع تخلفنا. بل ذهبنا كي ننشر الانغلاق والتحجّر والتصحّر والتعليب والتكييس والقيم الهمجية التي نبجّلها في الغرب والشرق، حتى "قرف منا وضجر" الناس في سائر أرجاء العالم. ولعلّك اليوم تستطيع أن تسأل من يسكن في جزيرة نائية في المحيط الهادي عما يشعر به عندما يرى "الطالباني والداعشي والإخونجي" ولن تسمع رأياً واحداً إيجابياً. فصورة هؤلاء أصبحت مثل صورة "المغول" في العصور القديمة؛ مجرد متوحشين محبين للدماء والتقييد وإلقاء الرعب في قلوب الناس.

من خلال معاشرتي لكثير من الغربيين، أعلم أن الصورة التي أرسمها هنا ليست خيالية ولكنها اصبحت واقعاً عند كثير من الناس. فأوّل أمس تناولت طعام الغداء مع صديقة سويدية لم أرها منذ فترة طويلة. هي تعلم بأنني "عربي" ولكني لم أقل لها بأنني لست مسلماً، فمثل هذه التفاصيل الصغيرة لم أكن أهتم له كثيراً في الماضي. قالت لي الصديقة وهي تسألني عن إبني البكر: ماذا سوف يفعل الآن ؟ هل سوف ينتسب إلى جامعة أم أنه سوف يذهب كي يكون "جهادياً"؟
استغربت السؤال، فأنا أعلم بأن هذه الصديقة علمانية لا تحفل بالأصل والمنشأ والعرق والدين ولا تسأل عن كل هذا، ولكني، لأول مرّة في حياتي اضطررت أن أوضّح لأحد ما أنني لست "مسلماً" وبالتالي فابني لا يحفل بالجهاد ولا يروق له شرب الدماء ولا قطع رؤوس الكفّار.

عندما وصلت إلى أوروبا قبل أكثر من عقدين ونصف العقد من الآن، كنت أقول عن نفسي فلسطينياً وأفتخر بهذا. يومها، كان شعار منظمة التحرير الفلسطينية هو بناء دولة "علمانية" في فلسطين. أما اليوم، فعليّ أن أوضح وأنا أقول أنني فلسطيني بأنني لا أنتمي إلى "حماس" ولا أقول بقولها ولا شأن لي بخفافيش الظلام.

هذا هو الحال، ويبقى السؤال: هل هو الإسلام أم المسلمين في أصل "تخلفنا"؟ وكيف تدعم إجابتك؟