لم يعد في العالم اليوم جماعات تقتل وتتوحّش على من يغايرها في العقيدة إلا "دعاديش" المسلمين.

يستطيع اليوم "البوذي" أن يحمل معه إلى "الفاتيكان" تمثال بوذا ويستلهمه الطريق إلى النرفانا، ولن تجد أحداً يلومه ولو بنظرة على ما يفعل. ويستطيع أي مسيحي أوروبي متدين أن يزور الهند ويغتسل في نهر الغانج دون أن يثير انتباه أي من الهنود له. ويستطيع المسلم أن يذهب ويضع "ورقة تمنيّات" في "حائط البراق" دون أن يدفعه "يهودي متعصب لدينه" إلى خارج الساحة.

لقد انتهى منذ زمن عصر الحروب الدينية الذي خلف بحيرات من الدماء في العالم أجمع، إلا عند المسلمين. فالكثير من هؤلاء - كما يبدو - ما يزالون يعيشون في تلك الحقبة الدموية من نزاع الأديان. وتترك غالبيتهم الكثير من "كلابها" (وأقصد الإسلام السياسي بالتحديد) ينهشون لحوم البشر باسم ربهم وإلههم الجبّار العنيد، ويعلنون حرباً شعواء على العالم أجمع نتيجة لأن الكثير من البشر يخالفهم في العقيدة، مع أنهم يؤمنون في الوقت نفسه بأن الله هو الديّان الوحيد وأن هؤلاء "الكافرين" سوف يسكنون في "جهنم وساءت مصيرا" - كما يلهجون -.

هناك ظاهرة واضحة أمامنا تستحق الدراسة، نستطيع اختصارها بالسؤال عن الأسباب التي أدت إلى تكاثر كلاب المسلمين الضالة (وأتحدث عن جماعات الإسلام السياسي بالتحديد وليس عامة المسلمين كمان مرة) وسكوت الأغلبية المسلمة عنهم وعن نهجهم وسياستهم. ما الذي يدفع أمة تعتقد بأنها "خير من أخرج للناس" إلى السكوت عن هؤلاء؟ ولماذا تقبل على نفسها عار أن تكون منذ عشرة قرون في "زبالة التاريخ" ، وعندما تحاول الانتفاض فإنها لا تنتفض بعلمها وعملها وانجازاتها وثقافتها وآدابها وعلومها بل بقاطعي الرؤوس وراجمي الأجساد وجالدي الظهور وجادعي الأنوف من "المنعظين في الأرض" الذين يعلكون بكرة وعشيّا قات النصوص المغبّرة وفتاوى بعض المتخلفين (إبن تيمية وتلامذته وأحفاده الروحيين).

نسأل هذا السؤال، لأنه من عادات الناس في جميع المجتمعات على اختلاف العصور أن لا يسكتوا عن "الأولاد الجهلة الآبقين" وأن يلجموهم ويردعوهم ويؤنبوهم بل ويتبرؤوا منهم عندما لا يستطيعون معهم حلولاً ممكنة. ولكن يبدو أن "الأمة الإسلامية" لا تسير حسب هذا المنهاج، ولكنها تترك الحبل على الغارب لبعض أبنائها السفلة في نهش لحوم البشر حتى لو صار البشر يصمونها بكل تخلف وجهل وعدوانية أمام فعال هؤلاء.

هل هو "الإحباط" مثلاً هو الذي يؤدي إلى هذه الظواهر؟ أم تراه عدم وجود "مرجعية واحدة" لدى الشعوب الإسلامية هو ما جعل المسلمين لا يستطيعون اتخاذ موقف أمام غيّ وجهل بعض سفلتهم، فسكتوا عنهم؟

عن جد، لماذا ربطت كل الديانات كلابها (إلا فيما ندر وبما لا يؤبه به بعد اليوم) إلا أتباع هذا الدين الذي صار بفضل "دعاديشه وقواعيده وإخونجيته ووهابيته إلخ " عنواناً للإرهاب والدموية في كل مكان، حتى أنك تجد العالم يجتمع اليوم بقضه وقضيضه كي يضرب بعض كلابه ... عن جد، لماذا هذا يا هذا ؟