بعيدا عن ولدنات المتولدنين، فلنحرر مواضع الخلاف، لعل هناك من ساع لجدية يمكن البناء عليها،
ينعى اللاإسلاميون العرب، أمثال فودكا والعلماني وجعفر علي وأوبزيرفر، على المسلمين عدة أمور، فلنبسطها هنا وننظر هل هم جادون في البحث،
1- الخيالية، يتهم اللاإسلاميون المسلمين بأنهم يتعبون نماذج خيالية لم توجد يوما في التاريخ.
للخروج من هذه المشكلة، أنا بالنيابة عن المسلمين جميعا أدعو هؤلاء لتبيان نموذجا غير خيالي للعالمانية حتى نتبعهم جميعا. هب أننا خرجنا جميعا مما يعتبرهم هؤلاء خياليا فأين سنذهب؟ إلى يوتوبيا أفلاطونية أم إلى عالمانية لم تكن موجودة البتة؟ أم إلى نماذج مرفوضة ومدانة من العالمانية؟
2- العنف، يتهم اللاإسلاميون المسلمين بممارستهم العنف تأصيلا وتفريعا ومنهاجا.
ليت شعري أي رومنسية يدعي هؤلاء، وكأن العنف لم يوجد البتة في التاريخ، فاخترعه المسلمون حين نزل القرآن على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولو حذفنا القرآن والإسلام من مقرري التاريخ والجغرافيا، فإن العنف بالتبع سيذهب.
نظرية متهافتة لا تتطلب عبء الرد، العنف جزء أساسي من النظام الاجتماعي البشري منذ أن دب الإنسان على وجه البسيطة، ولن يذهب أبدا حتى يرث الله الأرض ومن عليها. بل هو جزء أساسي من النظام الكوني العام الذي يقع في نقطة توازن ما بين العنف المطلق والنظام المطلق، والسعي لإنهاء وجود العنف من الحياة هو مثل السعي لمنع الملكية الفردية الذي طلبه مهسهسي الماركسية عالميا ومحليا.
حين يوجد أمر بغيض على النفس ثقيل على المجتمع لكن لا مفر من وجوده، فإن العاقلين يسعون لتنظيمه لا لإنهائه، لأن العاقل يعرف أن إنهاء العنف مستحيل ومعركة دونكيشوتية خاسرة. لذلك نجد أن العاقلين قديما وحديثا سعوا لتنظيم العنف وإدارته لا لمنعه.
ثم إن كل المذكورين من اللاإسلاميين العرب، من مثل جعفر علي والعلماني وفودكا، يتعشقون العنف ويتغزلون به ويضربون الأرض بأقدامهم طربا ويفركون أيديهم حبورا، حين يكون العنف موجها ضد خصومهم السياسيين. فلينظر ناظركم إن شاء إلى فرحهم وتسحيجهم ودبكتهم حين ذبح الهالك السيسي في نهار واحد ما يقارب الألف بريء.
3-الإقصاء، يتهم اللاإسلاميون المسلمين بممارسة الإقصاء ضد الخصوم الفكريين والسياسيين.
أنا وإن كنت ضد الإقصاء الذي يمارسه بعض المسلمين بحق خصومهم من المسلمين أو اللاإسلاميين، لكنني لا أستطيع أن أرفض الإقصاء هنا وأن لا ألاحظ الإستئصال هناك. دعوة اللاإسلاميين هي استئصال المخالف ولا يتورعون عن إزالة أصله وفرعه معه كما شهدنا بالتجربة العملية من أعمال قرنائهم قرناء السوء من اللاإسلاميين الذين قفزوا على كراسي الحكم، من مثل الهالكين عبدالناصر وصدام وحافظ والقذافي، ومن سيلحقون بهم من مجرمين من مثل بشار وجنرالات اليمن والجزائر.
هذا هو الكلام المفيد، أما ولدنة ابن فلسطين وفودكا، وعصبية جعفر علي الذي يجيب على ما لم يقرأه، وتعليبات العلماني الخشبية الستيناتية الجاهزة فلا تنفع ولا تقدم ولا تؤخر.
هلأ رح يرد العلماني على نقطة تعليباته الخشبية ويترك كل ما قبلها، وسيتحدث عن النموذج القروسطي المقدم ردا على نموذج الستينات، من باب الهزء والسخرية المتعلقة بمتلازمة الويك اند. قبل أن يرد أقول له لم ندعك البتة إلى نظام قروسطي، وليس فهم الإسلام متعلق بقرون وسطى، مثلما لم يكن فهم الديمقراطية متعلق بأثينا القديمة. نحن دعوناك أن تقدم لنا نموذجا عالمانيا ديمقراطيا غير خيالي لنسير إليه، وستجدني إن فعلت على رأس السائرين، بل الراكضين والمهرولين.
لن تقدم شيئا، وهو استباق مني، لأن النماذج التي تدور في ذهنك تتراوح بين الاستئصالية الأتاتوركية، والاستئصالية الناصرية، والتسحيج للسيسي، والاستعلاء، والاستغراب عن الآخر.