بناء الدول وتحقيق النهضة ليس نفسه هو أخذ الحكم، ذلك الذي صنعه اللاإسلاميين العرب تحت ظل الحراب المحلية والغربية ثم بطشوا بمن خالفهم جميعا.
أخذ الحكم لا يحتاج أكثر من قوة تجمع وظروف دولية ملائمة، ثم سنجد أفاقا على الكرسي مثل عبدالناصر.
بناء الدولة وتحقيق النهضة للأمة يحتاج عملا فكريا مضنيا لتغيير قناعات عامة وأفكار سائة، أو في حالة أمتنا لتغيير الرجع الغريزي العشوائي إلى حالة فكرية عامة.
رغم فساد العالمانية وعفن اﻹشتراكية، إلا أن ذلك لا يضر في تحقيق نهضة من أيهما، ﻷن اﻷمم الناهضة تسرع باستبدال ما قد عفن وأسن بغيره، فبالحري هذه اﻷمة وهي تملك خيرا كثيرا لا تدركه، كما قال اﻷول: كالعيس في البيداء يقتلها الظما - والماء فوق ظهورها محمول
إن أريد للعالمانية أن تحقق نهضة في هذه اﻷمة، فلا بد من عدة مراحل سابقة عليها.. ليس منها دبابة العسكر.
المرحلة اﻷولى وجود العالمانيين كمفكرين. ولا نعني هنا اللاإسلاميين بل نعني العالمانيين حقيقة ممن يملكون مشروعا للبناء ويريدون العمل فيه. ولا يخص هذا الكلام عبيد الاستبداد أو اللاطمين على قبور التاريخ أو من عندهم خصومة عميقة مع اﻷمة وعناصرها أو حماميز الله أو من يرتدون عباءة فولتير. كل امرئ وعباءته، ولكل زمان دولة ورجال.
المرحلة الثانية، عملهم سوية لتحقيق هدف واحد. على أن جماعتنا من عالمانيين ومسلمين واشتراكيين وغيره يرى واحدهم نفسه زعيما ملهما قائدا فردا لا يجوز مخالفته. يعني تشكيل جماعات سياسية معنية بالتغيير كمشروع.
المرحلة الثالثة وهنا تكمن الصعوبة القصوى أمام العالمانيين العرب، وهو خوض الكفاح السياسي وممارسة الصراع الفكري مع الخصوم اﻷيديولوجيين. أما الكفاح السياسي فيستلزم النزول إلى اﻷرض لإيجاد حلول لمشاكل تعيشها الأفراد والمجتمع والدولة ضمن الأطر الفكرية المراد إيجادها في المجتمع. وهذا ممكن عند الجميع. أما الشق اﻵخر فلا إخالهم بقادرين على أن يصارعوا خصومهم من المسلمين دون استعانة بالدبابات وكرابيج الشرطة وأعين العسس.. هكذا أثبتت التجربة الطويلة معهم. لكن لنفترض أنهم استطاعوا فحينها ستكون اﻷمة جاهزة لاحتضانهم والسير معهم وخلفهم كقيادة فكرية غير شخصية.
مصطلح اﻷمة هنا مستعمل بمعنى جماعة من الناس على أمر واحد، ولا يعني بالضرورة اﻷمة اﻹسلامية أو العربية أو غيرها من مصطلحات خاصة.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 09-21-2014, 01:01 PM بواسطة خالد.)