غريب أمر بعض البشر. يتوقعون من الجميع أن يعلنوا معرفتهم بأمر لا يمكن معرفته، أو انكار ما لا يمكن حتى البحث فيه. و أما من قال أنْ لا سبيل الى الاثنين، فهو في نظرهم أحمق.

هناك الكثير من الامور التي لا نعلمها بعد، و قد لا نعلمها أبدا. هل علينا دائما ان نقفز الى الاستنتاجات و ندّعي اليقين كي نكون "حكماء"؟؟ كم هو عدد الكواكب التي تدور حول النجم الرابع من مركز المجرة الألف بعد درب التبانة؟ هل تعلمون الجواب؟ ألستم لاأدريون بالنسبة لهذه المسألة؟ هل تسمون اللاأدرية هنا "حماقة"؟؟

الحماقة برأيي هي الاحاجيج الفارغة التي يستدلون بها على ما افترضوه مسبقا، و تطويع المنطق و تمييع العلم لكي يتفقوا مع عقائدهم.

و قد صدق برتراند راسل (اللاأدري) حين قال، "مشكلة العالم أن الحمقى فيه يملؤهم اليقين، بينما الحكماء تغمرهم الشكوك."

اذا كنا بصدد شيء لا يمكن اثباته، فاللاأدرية هي وجهة النظر الحكيمة الوحيدة. و الحماقة الوحيدة هي إعلان البعض أنهم توصلوا الى اصل الاكوان و عرفوا مصادر الوجود و غيبيات الامور.

لكن ليعلموا أن في العالم بعض الناس الذين يبحثون لا عن العقائد، بل عن الحقائق. لا يهمنا ان نصل الى اجابة بقدر ما يهمنا التيقن من صحة هذه الاجابة. و اذا لم تتيسر لنا معرفتها، نفضّل أن نعترف بعدم معرفتنا بها، على أن نتبجح بمعرفة ما لا نعرفه، فهذه الحماقة بعينها.

الحكمة ليست بالتخمين، و الايمان ليس فضيلة، و الشك ليس خطيئة. :9: