عندما فاض اللون البنفسجي الفاقع..
تحية..
زياد مشيلي هاي المرة بس....لا غير
نت وي..
أشكرك و لكن قصة الحقيبة السوداء تطول و تطول....و أعلمك بأنني أتقبل كل أنواع الورود
مجبتي لكما..
كان الكيس الضخم ملىء بلفائف من الصوف ذات اللون البنفسجي الفاقع,حاولت أم أحمد أن تخوص بيدها عميقا في محاولة مستمية لتلمس أطراف الحلم الذي داعبها طوال الأيام العشرة السابقة و لكن الكيس ابى الا أن يحتوي على لفائف الصوف ذات اللون البنسفجي الفاقع,أخرجت أم أحمد يدها من الكيس و هي تمسك بإحدى اللفائف نظرت اليها بقرف قلبت شفتها السفلى و تركب اللفافة تتدحرج من يدها على الأرض,لم تستطع أن تلجم الغيظ الذي امتلأ في صدرها و بدأ يتدفق من عينيها ,وجهت كلامها الى زوجها المتشاغل بلوك ما تبقة من لقمة كبيرة دفها الى فمه:"ألم تجد ألا هذا اللون "المشرشح" لتأتي به معك",لم يتوقف ابو احمد عن متابعة مضغ طعامة و اجابها بقلة اكتراث مفتعل:"أنا لم احضر شيئا ..هذا الكيس نسيه راكب في سيارتي".تناولت أم احمد اللفافة الصوفيه ذات اللون "المشرشح" قلبتها في يدها ثم اعادتها الى مكانها في الكيس الذي يضطجع بأمان خلف الباب.
تحولت أجتماعات القهوة الصباحية الى جلسات سخرية و تشفي من محتويات الكيس البنفسجية , و كانت التعليقات تطال اللون البنفسجي الفاقع بشكل خاص كنموذج عن الألوان قليلة الذوق,و تبدلت اسئلة الرجال الصباحية المسائية الموجهة الى أبو أحمد الى تعليقات من قبيل "قديش كيلو الصوف هاليومين خيي بو احمد","قبرت الشتوية يا بو أحمد بهالصوف",ساعد برود ابو أحمد الطبيعي على تلقي هذه التعليقات بهدوء و قلة اكتراث,كان يتابع طريقه بثاب و كأنه لم يسمع .
كانت ام أحمد تتعثر كثيرا بكيس الصوف المستلقي بكسل في زاوية ضيقة خلف الباب,فتوجه أليه رفسة حاقدة بقدمها و تتابع طريقها الى حث تريد,و لكن أم أحمد لم تقطع الأمل فكانت كثيرا ما تقترب من الكيس و تدس يدها فيها لتخرج بعض محتوياته على أمل أن يكون عفريتا ما قذفة ببركة أو لعنه محولا محتوياته البنفسجية الى شيء آخر.
البرد المبكر الذي تسلل مع نهايات شهور الربيع غير مزاج أم احمد و بدل نظرتها الى لفائف الصوف البنفسجية , كانت ترمقها بنظرات أكثر ودية و تتخيل أنها تحولت الى رداء دافىء , بدا لها جميلا بلونه البنفسج الفاقع.تناولت ثلاث لفائف من الكيس وضعتها تحت ابطها و ذهبت الى أم زياد الكيلاني عاملة السنارة,كانت أم زياد الكيلاني نساجة ماهرة لا يشق لها غبار لا يمكنك أن ترى يديها لفرط سرعتها في تحويل لفائف الصوف المتكوم أمامها الى كنزات و بلوزات و قبعات و قفازات,أم زياد الكيلاني تعمل و لا يكاد لسانها يتوقف في حلقها و سيجارتها لا تغادر شفتيها.تناولت لفائف الصوف البنفسجي الفاقع من أم احمد ووضعتها جانبا و قالت لها فيما يشبه العتاب ألم تجدي غير هذا اللون القبيح.
لم يبدي احد من سكان الحي اعجابه بكنزة أم أحمد الجديدة فقد انهالت عليها التعليقات الساخرة,وحده ابو أحمد وجد أن الكنزة جميلة و لونها مناسب,ولم تكد أم احمد تسمع هذا الإطراء حتى استلت ثلاث لفائق اخرى و اسرعت الى أم زياد الكيلاني و طلبت منها الإسراع بتوضيب كنزة ممائلة لزوجها ابو احمد.أختلف المزاج العام بعد أن شوهد أبو أحمد و ز وجته يرتديان الكنزات البنفسجية و كان الثلج قد هطل مبكرا فاختطف اللون البنفسجي الفاقع على خلفية بيضاء فاقعة العيون من محاجرها .لم يطل الأمر حتى طلبت السيدة أم سمير البحري من أم احمد ثلاث لفائف من الصوف لتحيك كنزة لزوجها ثم عادت بعد يومين لتطلب ثلاثا اخرى لتحيك لنفسها واحدة.
أنتشرت الكنزات البنفسجية الفاقعة في كل أرجاء الحي و أصبحت حديث الصباح و المساء و فترات الراحة بين شوطي "المحبوسة" و عملت أم زياد الكيلاني كما لم تعمل من قبل في حياكة الكنزات البنفسجية الفاقعة و ساعد في هذا الإتشار كرم أم احمد ووقاحة الجيران, و تحول اللون البنفسجي الفاقع من لون "مشرشح" الى لون "ملوكي",ووصل الأمر بعبد الحسيب الجار الأقرب لأبو احمد الى طلاء جدران بيته الداخلية باللون البنفسجي الفاقع و ابو احمد نغسه حاول مرارا تحويل لون سيارته الشاحنة الصغيره الى البنفسجي الفاقع و لكن رفض دائرة المرور بحجة الحفاظ على الذوق العام غير من راية.
أنحنى النصف العلوي لكيس لفائف الصوف البنفسجية في الزاوية خلف باب أبو احمد و مازال هناك الكثير منها رغم ان الحي قد اكتسى بحلة بنفسجية فاقعة.واصبح بإمكان أم احمد أن تدس رأسها في فتحة الكيس العلوية لتطل على عالم الكيس الداخلي و لم يتخلى عنها حلمها بوجود شيء ثمين في الكيس.
لم يستسلم سكان الحي و اصروا على استعمال الفائف الصوفية الفاقعة فقد طلبت أم زياد الكيلا ني نفسها بضع لفائف جديدة رغم انها حصلت على الكثير منها لتصنع كنزات لها و لبناتها و عندما سألتها أم احمد لماذا تطلب المزيد اجابت أم زياد الكيلاني و هي تغلق عينها اليسرى اتقاء للدخان المنبعث من سيجارتها التي لا تفارق شفتيها:"عقبال عند ولادك بنتي نوال جابت صبي و قلت لحالي شو بدي آخدلها هدية ما لقيت أحسن من الصوف بالشتا", و هكذا حصلت كل حامل و نفساء من اقرباء جيران أبي احمد على هدية قيمة من لفائف الصوف البنفسجة. و عندما كسر شقيق أبو يده و ساقه بعد أن سقط من فوق الجدار و هو يحاول وصل سلك الكهرباء من أعمدة الشارع بشبكة منزلة للتوفير في قيمة الفاتورة الشهرية حصل على بعض اللفائف الصوفيه بدلا من صناديق الشوكولا فرحا بنجاته.
لم يعد احد بحاجة الى اذن أم احمد لياخذ بعض الفائف فقد اصبح زوار بيت أم احمد يتناولون ما تصل ايديهم أليه و هم في طريق الخروج و حتى الطفال كانوا يتحينون الأوقات التي يكون فيها باب بيت ابو احمد مفتوحا ليمدوا ايديهم لإختطاف بعض اللفائف,في البداية كانت أم احمد تحاول زجرهم و الصياح بهم أو الشكوى لاهاليهم ولكنها تغاضت بعد ذلك و تركت الكيس لمن يريد ان يأخذ بل تقصدت ان تبقي الباب مفتوحا ليأخذ من يريد.
تناولت أم احمد الكيس الكبير الفارغ الملقى خلف باب بيتها و قلبته بحيث اصبح وجهه قفاه ثم اعادته كما كان جاست اصابعها في زواياه البعيده و هي تأمل أن تصطدم بشي طلب يستدعيها,كان ابو أحمد يراقبها بصمت و ترقب متشاغلا بلقمة كبيره دسها في فمه.
أنتهى..
|