عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكمال فقال‏:‏ ‏"‏ قول الحق والعمل بالصدق ‏"
يقول الامام الغزالي:
اعلم أن لفظ الصدق يستعمل في ستة معان‏:‏ صدق في القول وصدق في النية والإرادة وصدق في العزم وصدق في الوفاء بالعزم وصدق في العمل وصدق في تحقيق مقامات الدين كلها فمن اتصف بالصدق في جميع ذلك فهو صديق لأنه مبالغة في الصدق‏
الصدق الأول‏:‏ صدق اللسان وذلك لا يكون إلا في الإخبار أو فيما يتضمن الإخبار وينبه عليه والخبر إما أن يتعلق بالماضي أو بالمستقبل وفيه يدخل الوفاء بالوعد والخلف فيه‏.
و قد بلغ النبي الكريم صلى الله عليه و سلم اعلى درجة يصلها بشر. اذ بلغ هذا القران عن ربه بتمامه و كماله. حتى تلك المواقف التي لو كان النبي(ص) كاتما شيئا من القران لكتمها:
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (67)
{لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (68) سورة الأنفال
فالخطاب شمله , فلماذا يعلن انسان خطاب ادانته و هو يعلم بان اعداءه اول من سيتلقفونه , فكم مرة قرأنا قول من قال بان محمد لا يعرف مصيره في الجنة او النار لانه قرأ الاية التي ابلغها النبي الصادق الامين (ص) كما اوحيت له:
{قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ} (9) سورة الأحقاف
بل ما الذي يجعل محمدا صلى الله عليه و سلم لا يكتم ما نزل عليه من القران و هو يخرج ما في جوارحه و ما يراوده من افكار:
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ..} (37) سورة الأحزاب
لا اجابة الا .. صدقه صلى الله عليه وسلم.
الصدق الثاني‏:‏ في النية والإرادة‏!
و قد بلغ صدق نيته و ارادته صلى الله عليه و سلم انه كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه فتقول له عائشة : و قد غفرلك ربك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر فيرد : أفلا اكون عبدا شكورا,
لا اله الا الله. يقوم الليل حتى تتورم قدماه ليس لان ينجيه من عذاب او من اعداء و لكن لانه عبد شكور:
41 وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلّى
42 قائلا يا ابتاه ان شئت ان تجيز عني هذه الكاس.ولكن لتكن لا ارادتي بل ارادتك( لو 21 : 41-42 ).