الصدق الثالث: صدق في الوفاء بالعزم

و قد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ابلغ مثل في الصدق بالوفاء عندما ابرم صلح الحديبية.
فكان من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم انه لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم انه لا ياتيك منا احد وان كان على دينك الا رددته الينا وخليت بيننا وبينه فكره المؤمنون ذلك وامتعضوا منه وابى سهيل الا ذلك فكاتبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فرد يومئذ ابا جندل الى ابيه سهيل بن عمرو ولم ياته احد من الرجال الا رده في تلك المدة وان كان مسلما .
(عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين يوم الحديبية على ثلاثة اشياء على ان من اتاه من المشركين رده اليهم ومن اتاهم من المسلمين لم يردوه وعلى ان يدخلها من قابل ويقيم بها ثلاثة ايام ولا يدخلها الا بجلبان السلاح السيف والقوس ونحوه فجاء ابو جندل يحجل في قيوده فرده اليهم).
فارجع الصحابي ابا جندل للمشركين و الدموع تملأ العيون.
و من صدقه وفاء للعهد انه امر حذيفة بن اليمان الا يشارك في بدر لان المشركين اضطروه ان يعاهدهم بالا يقاتلهم حتى يخلوا سبيله :
ثنا ابو بكر بن ابي شيبة، حدثنا ابو اسامة، عن الوليد بن جميع، حدثنا ابو الطفيل حدثنا حذيفة بن اليمان، قال ما منعني ان اشهد، بدرا الا اني خرجت انا وابي - حسيل - قال فاخذنا كفار قريش قالوا انكم تريدون محمدا فقلنا ما نريده ما نريد الا المدينة ‏.‏ فاخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن الى المدينة ولا نقاتل معه فاتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبرناه الخبر فقال ‏"‏ انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم ‏"‏
فقال بصيغة الجمع ( نفي لهم بعهدهم) معتبرا بان العهد الذي قطعه حذيفة هو عهده ايضا صلوات الله و سلامه عليه.