أتمنى أن توفر على نفسك و عليّ هذه التأويلات فقد قرأناها عند من قال أن الجنة في الأرض و ليس في السماء ، كاستنادهم إلى هبوط سفينة نوح و ما إلى ذلك و كلها تخريجات تُعتبَر التفاف على المعنى الواضح ، فعندما يقول القرآن الجنة نعرف ما هي الجنة و عندما يقول النار نعرف ما هي النار و عندما ينادي النبي بقوله يا أيها النبي نعرف من المقصود .

كذلك أنت بنيت استنتاجك أن إبليس كان في السماء بأنه كان في الملأ الأعلى و الملأ الأعلى هو السماء (لتنصت الشياطين) و السماء هي التي يدخلها الملائكة .

و الله طريقتك جداً ملفلفة من أجل فهم الآية .

و لكن لا بأس


دعني أراجع بعض ما ورد في مداخلاك جميعها :

تقول في أول مداخلة لك :

اقتباس:و لا اعرف لماذا ترجع الضمير في اهبط منها الى الجنة , هل ورد اسم الجنة في الايات السابقة؟

و هذه أولى حججك بأن إبليس لم يُطرد من الجنة لأنها لم تُذكر ، و حين نقول أن القرآن استخدم إسم إشارة مؤنث فلا بد أن يعود على مؤنث ، و فهمنا أنها الجنة من متابعة الآيات حيث قال الله لآدم و زوجته بعد طرد إبليس "اسكن أنت و زوجك الجنة" .

و لا يوجد في الآيات ذكر لأي محل آخر يمكن أن تُحمل عليه هاء الإشارة غير الجنة .

بالإضافة إلى أن جميع المفسرين قالوا أن طرد إبليس بعد تكبره كان من الجنة و ليس من مكان مجهول .

---------------

تقول :

اقتباس:السؤال هو الى ماذا يعود الضمير منها؟
اذا قلت الى الجنة , اقول لك لا , اذ ان اسكان ادم و زوجه في الجنة لم يتم بعد بل ان زوج ادم لم تخلق بعد.

و هذا يُرد عليه من طريقين :
أولاً عدم سكنى آدم و زوجه الجنة لا يمنع أن يكون إبليس فيها .
ثانياً قد يكونوا قد سكنوا الجنة و أن هذا الخطاب لهم من بعد طرد إبليس منها على التوكيد ، كقوله "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ" و نحن نعرف أنه بلغ قبل هذه الآية بوقت طويل إذ أنها مدنية . و لكنه لتوكيد التبليغ .

--------------------

كذلك تقول :

اقتباس:الخروج من الجنة كان لهما او لهم جميعا

و هنا يمكننا أن نسجّل أنك لا تمنع عقليا وجود إبليس في الجنة . إذ أنك تقر بهبوطه منها مع آدم و زوجه .



نأتي إلى مداخلتك الثانية التي استنتجت فيها أن مكان إبليس هو الملأ الأعلى و الذي يعني السماء حيث قلت :
[QUOTE]ابليس كان بين الملائكة , و ليس في الجنة اذ ان الجنة موجودة في الارض و الملائكة ليسوا على الارض:
{قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً} (95) سورة الإسراء
اذن فحيث الملائكة الذين كان بينهم ابليس اهبط :

هذا جميل جداً

فبما أنك تربط بين مكان إبليس و الأماكن التي ترتادها الملائكة ، فأنت تعلم أن الملائكة تدخل و تخرج من الجنة ، و أن هذا غير ممتنع عليهم بالإجماع الذي نقله القرطبي ، و بصريح الآية التي تقول :

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ [COLOR=Blue]وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ


نأتي الآن إلى أغرب ما سمعته منك عزيزي الصفي و هو نفيك وجود الملائكة على الأرض كما صرّحت في كلامك السابق .

و لا أدري كذلك كيف تنفي وجود الملائكة على الأرض و جبريل كان يأتي إلى محمد الذي يسكن في الأرض و يذهب ؟؟؟
بل أتى إلى مريم من قبل و تمثل لها بشراً سويا .

بل يوجد ملائكة تحفظ الإنسان و أخرى تدوّن أعماله و غير ذلك ، فكيف لا يكونون في الأرض ؟؟؟؟

و كيف ذاك و الملاك (جبريل) يأتي كمسافر ليس عليه آثار السفر ، و يجلس و يضع فخذه على فخذ النبي و يسأله عن الإيمان و الإسلام و الإحسان و الحديث أشهر من أن أسرده هنا .

كذلك الملائكة الذين حاربوا مع المسلمين في معركة بدر أو أحد حيث قال :
إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ

فكيف تمنع على الملائكة النزول إلى الأرض و الله لا أدري .

كذلك ملائكة الموت التي تقبض الأرواح .

و غير ذلك من الأمثلة كثيرة لا أدري كيف اغفلتها .
و لا أدري كيف فهمت نفي وجود الملائكة على الأرض من الآية :
قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً} (95) سورة الإسراء

فهذه الآية تعني أن الرسول يكون من جنس ما يُبعَث إليهم ، و هو يرد على من طلب من محمد أن يأتيه برسل ملائكة ، فقال لهم أن هذا لا يكون إلا إذا كان المرسَل لهم ملائكة أيضاً . و الآية تفترض شيء مستحيل عقلي أصلاً ، لأن الملائكة لا يمكن أن يحتاجوا إلى رسول ، لأنهم "لا يعصون الله ما أمرهم" ، و علمهم من عند الله "لا علم لنا إلا ما علمتنا" فكيف يُرسل لهم رسولا ؟؟؟

و هذا ما تجده في كتب التفسير ، لكنك لا تجد هذا الفهم العجيب للآية بأنها تمنع على الملائكة التواجد في الأرض و هو ما يعارض صريح الآيات الكثيرة في القرآن التي تقول بوجودهم و نزولهم على الأرض .



-----------------

نأتي الآن لمسألة الملأ الأعلى :

يقول الصفي :

اقتباس:} لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ {الصافات/8}
مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ {ص/69} إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ {ص/70} إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ {ص/71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ {ص/72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ {ص/73} إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ {ص/74} قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ {ص/75} قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ {ص/76} قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ {ص/77}

و يستنتج من ذلك أن الملأ الأعلى هو السماء .

و هذا استنتاج غريب أيضاً ، فما الذي يجعلك تحصر الملأ الأعلى في السماء فقط ؟؟

يعني ما الذي يمنعك أن تجعل الجنة ضمن الملأ الأعلى ؟؟؟

يقول القرطبي :

اقتباس: يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى

قَالَ أَبُو حَاتِم : أَيْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا ثُمَّ حُذِفَ " أَنْ " فَرُفِعَ الْفِعْل . الْمَلَأ الْأَعْلَى : أَهْل السَّمَاء الدُّنْيَا فَمَا فَوْقهَا , وَسُمِّيَ الْكُلّ مِنْهُمْ أَعْلَى بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَلَإِ الْأَرْض .

فكل ملأ فوق ملأ الأرض فهو الملأ الأعلى .

و الجنة و أهلها فوق الأرض بل فوق السماء السابعة ، و هذا يعني أن من يكن فيها فهو من ضمن الملأ الأعلى .

و لا أدري لماذا تحصره فقط في السماء ، بل السماء الدنيا التي يسّمّع منها الشياطين !!!!!



-------------

ثم يقول في مداخلته الأخيرة :

اقتباس:الاية التي اوردتها قبل هذه الايات و تعمدت تجاهلها و لم تقصها و تلصقها هي التي تحدد اين كان ابليس موجودا.
فالاستنتاج العقلي هو ان ابليس اولا كان مع الملائكة يستفاد من الايات:
} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ {ص/73} إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ {ص/74}
و الاستنتاج العقلي الثاني هو ان الملائكة في السماء:
{قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً} (95) سورة الإسراء
فهذا هو المكان الذي فيه ابليس يا ختيار.

نعم إبليس كان مع الملائكة

أما أن تحصر الملائكة في السماء فقط دون الجنة فهذا مردود عليه بالآية التي تذكر دخول الملائكة الجنة من كل باب .