عندما كنت طفلاً، كنت أحب مجالس الكبار ...
فعندما كان بعض أصدقاء والدي يزورونه وتمتلئ غرفة الضيوف، كنت أسمع لغط محادثاتهم الجادة من الغرفة الأخرى. هذا اللغط غير المفهوم بسبب الجدران كان يشعرني بطفولتي، وأنهم كبار، وأن مجلسهم له هيبة ورهبة.

ذات يوم، انتظرت والدتي إلى أن أنهت إعداد القهوة لأحصل على حجة للدخول للمجلس، وحملت الصينية ودخلت، درت على الضيوف باحترام بالغ، تمعنت في وجوههم واحداً واحداً خصوصاً وهم يتابعون حديثهم ... وسررت أنني بين الكبار أخيراً، فأنهيت تضييف القهوة واخترت ركنا جلست به وأنا مسرور بذلك.

من مكاني، كنت أسمع الحديث بوضوح، لم يعد لغطاً كما كنت أسمعه من غرفة الجلوس. حاولت أن أزيد سروري بوجودي بأن أفهم ما يتحدثون به، أنقل عيني بينهم وأعطي أذني لمن تحدث ... وفجأة خيل إلي أنه يمكنني أن أتكلم، فتكلمت ... وأدليت بتعليقي ...

وتابعوا الحديث ... وتابعت الإصغاء.
وشيئاً فشيئاً أحسست بنوع آخر من السعادة، كانت أقل من سابقتها قليلاً ... يبدو أن الجلوس بين الكبار له مشاكله أيضاً. حاولت إبعاد ذلك الشعور بالإدلاء بالمزيد من التعليقات، ولم أستفد شيئاً، ما زلت أشعر أنني لست مثلهم ولم أعرف لماذا ...

مرت ساعة، فبدأت أتململ ...
لا ...
ليس هنا مكاني
انتظرت حتى لحظة حمي وطيس الحوار ...
واستغليت فرصة انشغالهم الشديد
وتحججت بصينية القهوة التي امتلأت من جديد، ولكن بالفناجين الفارغة
حملت الصينية
وانسحبت

:saint: