(f)

استشهادي يا سندي

هل تسجد وتصلي وتقوم الليل كي يشتد ذكرك ويقوم قضيبك؟ هل تفعل هذا بغية "للراحة والهدوء"؟ أم أنك تريد أن تشكر الخالق على نعمه وتتواصل معه بقلب تائب ونفس تواقة؟

إلهي الذي أبحث عنه يا صديقي لا يقبل مني أن أكون وصولياً نفعياً انتهازياً، أصلي له وأنا أبتغي من صلاتي أن "يُشنزب" ذكري ويشتد ويستمر مريره.

خسيس أنا يا صاحبي لو ملت عن إلهي لحظة عين، وأنا أقبل على شكره والتواصل معه، كي ألتهي بنفسي وأنصرف إلى "مرابحي" وتجارتي. فصلاتي لإلهي ليست فرضاً عيناً، بل هي اندفاع مني وفيض من شعوري يجعلني أحاول الاتصال به وشكره على كونه زاد السفر وماء الطريق والكتف الذي ألقي خدي عليه عندما يهجرني صحبي وينفض عني خلاني وتصبح نفسي بي برمة ضجرة.

لاحظ يا استشهادي أي ضعف تنسبه إلى الهك و"حبة فياغرا" واحدة قادرة على أن تجعل ذكرك ينتصب أكثر من صلاتك 22000 ركعة... لاحظ في أي درك تضع الصلاة عندما تعرف بأن أربعة جلسات "يوغا" مكثفة في الشهر أفضل "للراحة والهدوء النفسي" من 150 صلاة (حاول واقتنع لو أحببت، والنتيجة مكفولة:)).

مقالي كله يا استشهادي هو ضد هذه "النفعية" التي أنت ماض بها في وصفك "لإلهك". مقالي كله ضد هذه "الوقاحة" مع "ربك" التي لقنتها من شيوخك دون أن تتفكر بأبعادها. "فالوقح" مع ربه هو ذاك الذي يتوجه إليه، هو الذي يعلم خافيات الصدور، ويطمع في نفس الوقت باشتداد ذكره. الوقاحة يا سندي هو أن تقبل على ربك وأنت منصرف عنه إلى غيره من متعك ونعمك وشخصك ونفسك.

تعلم يا صاحبي أن تقبل على ربك لذاته؛ لجماله ولطفه وتوق نفسك بأن تصلي في هيكله عارية ثملة. أقبل عليه وقف في حضرته وكل كيانك يطلب منك ذلك لأنك تحب هذا، لأنك تنزع اليه كنزوع النبع إلى مصبه، لا لأنه سوف "يعطيك" شيئاً. تعلم أن تتخلص من هذه النفعية والانتهازية التي مضى بها شيوخك وحاخاماتك وكهنتك، وأن تترك "الآلة الحاسبة" قليلاً وتدخل إلى عالم صوفي علوي يسمو ويعلو ويطاول المطلق، المجرد، الأول – بتعبير أفلوطين-.

عموماً، شكراً لك على مداخلتك يا استشهادي، فهي تصب في صلب هذا الموضوع دون أن تدري.

واسلم لي
العلماني