إيــه ميــراج(f)،
تعال لنكمل..
قرأت مداخلتك البارحة على مشاركتي بالتحديد.. وأعدت قرآءة قانون البرلمان، وتصفحت بقية المشاركات هنا، ومقمت برمراجعة قوانين الجمعيات والمؤسسات الأهلية لكذا بلد، ورجعت إلى سنوات دراستي الأولى في الجامعة التجارية قسم الاقتصاد، وبالتحديد أنظمة واقتصاديات منظمات غير حكومية.. تعاونيات، شركات أشخاص.. وغيرها.. ثم صوت على قانون البرلمان بـ "لا أوافق"..

قبل أن استرسل سأترك هنا ملاحظة أعود للحديث عنها لاحقا في ردي هذا..
[quote] Mirage Guardian كتب/كتبت
علّميهم
لونت كلمة (علميهم) بالأحمر لألفت الانتباه اليها قبل الاسترسال..

ميراج،
في ردي الأول، كنت مقتضبة كثيراً، وأظنني الآن سأكون أكثر أكثر اقتضاباً لقرب موعد الإفطار (8 دقائق فقط).. لذا، أود أن أعبر قليلا لردي الأول وحديثي عن "الحقوقيين".. أريد فقط أن أوصل وجهة نظري الشخصية، بل إيماني الشخصي، بمعني "حقوقي" أو "حقوقيين".. لا أملك تعريفاً اكاديمياً، فكرياً، مفاهيمياً أو غيره لهذه الكلمة.. لكنني سأحاول أن أنقل لك موقف شخصي بني على واقع تجربة عملية، ميدانية ومع الناس بفئات مختلفة..

قبل حوالي الخمس سنوات، كنت أعمل كمنسقة برامج مجتمع محلي لتمكين النساء اقتصادياً.. في قرى بعيدة ونائية ومع نساء فقيرات، مزارعات، يعملن في الصيد أو الحرف الصغيرة جداً أو كبائعات أو مصنعات للخبز أو غيره.. في إحدى المرات زارتنا ممثلة من إحدى وكالات التنمية الدولية، وكانت بصحبتها مترجمة.. عرفت النساء أنفسهن وعرفت أنا عن نفسي وعن البرنامج، الخ... بعدها نقلت المترجمة إلى الزائرة تلك المعلومات ونطقت باللغة الانجليزي (women's economical development).. اعترضت وقلت لها: لا، انه، (women's economical empowerment).. أي ان برنامجا ليس برنامجا للتنمية الاقتصادية للنساء، بل برنامجا للتمكين الاقتصادي لهن.. سألت الزائرة، ومالفرق؟ قلت: ان الفرق يتعلق بالحق في العمل والاختيار، وفي الدخل، وفي زيادته، وفي ادراته وفي اتخاذ قرارات اقتصادية في المنزل أو غيرها.. قد تتيح التنمية للنساء فرص العمل وفرص زيادة الدخل، لكن ذلك لايضمن معرفتهن وايمانهن بحقهن في العمل، وفي اختياره، وفي وفي ....
ودعتنا الزائرة، وأضافت لي: Good bye, women's rights activitist!

ماهذه؟ ماذا تعني women's rights activitist؟ ترجمتها الحرفية تعني: ناشطة حقوق مرأة!!! استغربت من الكلمة كثيراً.. كيف لي أن اكون ناشطة وأنا بهذه القرية الصغيرة.. كيف لي ان اكون ناشطة في حقوق المرأة ومووع حقوق المرأة يملأ أرفف منظمتي ويثير الرعب!..

في زيارة تالية، كنت أنا فيها الزائرة هذه المرة.. ذهبنا للهند لنطلع على برنامجنا الأم.. أي البرنامج الذي حاولنا أن ننقل نموذجه لبلدي.. كان في برنامج الزيارة يوم مخصص لزيارة commuity based women's rights activists .. كنت متشوقة لزيارة ناشطات حقوق المرأة المحليات أو المجتمعيات.. لا أدري كيف ارتجمها بحيث تحمل نفس روحها المكتوبة فيه باللغة الانجليزية ونفس الانطباع الذي تركته في نفسي.. ناشطات حقوق المرأة، كنا نساءاً يشبهن كثيراً فلاحاتنا وبائعاتنا في الفقرة قبل السابقة.. كن يعرفن أولاً كيف يكونون في جماعة، وكيف يحافظن على تماسكها.. كيف يسهلن أعمال النساء المنزلية لتجد وقتاً أطول للعمل المربح.. يكن يقفن أمام سلطة الزوج أو الابن أو الأب.. أو حتى أمام الأم الأكبر أو الجدة ليسمحن لغيرهن من النساء بمواصلة سعيهن الحثيث للرزق.. كن يحثن النساء على ادخار كسبهن حتى لايفقدن السيطرة عليه أمام السلطات العائلية.. وفوق ذلك كن يتعلمن ويعلمن!!! يتعلمن من النساء تفاصيل خبرتهن اليومية، ويعلمنهن يوماً بعد يوم كيف يترجمن هذه الخربة إلى عمل فاعل، إلى قيادة، إلى شجاعة، وإلى كل تلك الكلمات التي ذكرتها، ميراج، في ردك علي!

خلاصة القول،
الحقوقي/ـة هو من تتغلب عنده النزعة الانسانية، الايمان بالحق، الايمان بقوة هذا الحق إذا ماتمتع به الغير وهو/هي، والعمل (ميدانياً) لتحقيق ذلك.. أصلا لا أظن أن الحقوقي يرتاح له بال أو يهدأ جفن دون أن "يتحرك".. ليس في تعريفي للحقوقي أي معطى له صلة بفكر أو نظرية أو أطروحه او غيرها...

لعلك عرفت الآن ياميراج، أنني أملك خلفية متواضعة عن العمل الحقوقي، الديقراطي (قليل جدا)، وفوق ذلك خبرة لابأس بها في العمل الجمعوي التشاركي..

كما اتفقنا، لندع الديمقراطية جانباً لأنها تذكرني بالسياسة :)
ولنتحدث قليلاً عن مفردات وردت كالأعضاء أو العضوية، مؤسسة، قانون، برلمان، وغيرها.. ولكي أساعد نفسي، لن اطيل في قائمة المفردات هذه وسأكتفي بماذكرت..

كما نعرف، هناك قطاعات تشكل عاملنا والاقتصادي منه بالذات: كالقطاع الحكومي، والقطاع الخاص.. وكلا القطاعين تديره أنظمه ومناهج أفضل أن اسميها (سياسات).. كبر العالم وتصاعدت وتيرة العلم والمعرفة والحقوق.. وبرز قطاع ثالث سمي بالأهلي أو الاجتماعي، غير الربحي، الخيري، وأظنه إلى عقدين خلت سمي بالقطاع غير الحكومي.. وحسب خبرتي الصغيرة جداً.. فإن هذا القطاع الثالث مختلف عن القطاعين لأن سياسياته غير حكومية ولاخاصة، كما أن اقتصاده لايشبههما.. الحكومة تدير من الأعلى إلى الأسفل في هياكل رأسية، وتقدم الخدمات، وتعين أعضاءها، وكذلك القطاع الخاص ونيف عليه انه يهدف للربح.. في القطاع الثالث، الإدارة من أسفل إلى أعلى، تشاركية، عضويتها مفتوحة، لاتهدف للربح، وقبل هذا وذاك هي كيانات للتعلم!

كما سبق وقلت، أنني راجعت كتبي الجامعية القديمة وقرأت فصلاً عن تطور نظام التعاونيات، وفيه قرأت أنواعها، ومبادئها التي أسست في مؤتمر باريس عام 1934م.. وهو يضع مبادىء رئيسية لأي عمل أهلي، سأذكر منها تلك التي لاتختص بالفائدة والربح التعاوني..
1) مبدأ العضوية: وتعني أن لأي فرد الحق في الانتساب لهذه المنظمة أو الانسحاب منها،
2) مبدأ تساوي الأعضاء في التصويت،
3) الحق في الاقتراح وإبداء الرأي،
ثم أضاف المؤتمر مبدأ أخير (بعد 100 سنة نضال في تأسيس مبادىء دولية للعمل التعاوني):
4) مبدأ التعلم..

ثم يبدأ الفصل الذي بعده بعنوان: "تطور العمل التعاوني".. ويذكر لنا تأثير التطور في التكنولوجيا والأنظمة الحقوقية والسياسات الاقتصادية على أنواع وعمل التعاونيات، فما كان لهذا المجال إلا أن يطور نفسه ويستحدث مسميات جديدة للتعاونيات، وقوانين وسياسات وأنظمة ومبادىء..

إذا خرجنا قليلاً من دائرة هذا القطاع، ونظرنا إلى الحكومة كمؤسسة، ومن يقابلها كمعارضة، سنجد الأحزاب السياسية.. اعتقد أنه مهمة الأحزاب السياسية هي نقد الحكومة ما استطاعت له سبيلاً.. في حين أجد أنه من مبادئ العمل في القطاع الثالث هو التعلم! التعلم من بعنا الآخر، تحويل الخطأ إلى حل وبديل مناسب، على أساس أننا نؤمن بأفقية السلطة والإدارة والسياسة في هذا القطاع الاختياري الطوعي..

في القوانين التي تنظم العمل في هذا القطاع الثالث، تفرق بين الجمعية، والمؤسسة والاتحاد والتعاونية، ... وهذا التفريق هو الذي يشكل الصفة القانونية للكيان، وعليه يشكل حزمة الحقوق والواجبات لمن داخله.. تعطي الجمعيات مثلاً السلطة العليا للجمعية العمومية وهي مجمل الأعضاء القدامى أو الجدد. فالجمعيات تشكل دون رأس مال، ولكن بجهود إنسانية متكاثفة تؤمن بهدف واحد وتسعى لتحقيقه ولاتهدف للربح، التأسيس فيها لمجموعة وباب عضويتها مفتوح إجباراً.. تشكل الجمعية العمومية قوانينها الداخلية وتصبح لهذه القوانين المرجعية في التشريع والتنازع والعمل.. الخ.. المؤسسة تعطي السلطة العليا لمؤسسيها ويمكن أن كون فرد، وهو/هم يختاروا لجنة أمنائهم ليصيغوا اللوائح والقوانين الداخلية ويشرعوا.. وقد يسمحوا بالعضوية أو لا..

ماصفة نادي الفكر؟ أو ماصفته الأقرب؟
أعتقد أنه مؤسسة!
ومن القطاع الثالث.. أو ربما ضمن قطاع رابع جلبه لنا التطور والعولمة وثورة المعلومات، ووجب تطويره كما حدث لصديقاتنا التعاونيات أعلاه..
يدير نادي الفكر مؤسسته بسياسة ديمقراطية، لنقل، تشاركية، تحمل مبادىء طبيعة العمل في القطاع الثالث.. لكن من هي مؤسسة هذه الذي يديرها بديمقراطية، تشاركية، مبادىء.. الخ.. إنها مجموعة المؤسسين، أو الإدارة أو مجلس الأمناء... هناك حيث التزموا بعقد تأسيسي ووثيقة.. كما أن مؤسسة نادي الفكر تتيح العضوية، ولكنها عضوية مشروطة ومقننة.. كما نرى بعض الأحيان يفتح الأدمن العضوية ومرات يغلقها.. هذا عقد واتفاق ووثيقة مؤسسة نادي الفكر ومؤسسيها، وهم بذلك في جانب قانوني سليم (من وجهة نظري)..

الآن،
نادي الفكر، يفتح باب التعلم.. يقدم أطر سياسات جديدة للإدارة.. كل يوم يقدم مقترح في تعديل الوثيقة وكل يوم يطور فيها.. قدم لنا قانونا للبرلمان.. وأنا أراه غير معد بشكل جيد من حيث الفكرة والمواد. أما الصياغة فياعيني عليها..
أولاً، لايكون البرلمان إلا لمؤسسات الدولة.. والفكر قطاع ثالث (على حد معرفتي)..
ثانياً: التشريع والتشارك والإدارة الديمقراطية، تكون في دائرة المؤسسين لنادي الفكر..
ثالثاً: كنت اعتقد أن لأعضاء النادي "المشاركة" في تشكيل الإجراءات وتنفيذها، واهم صورها هنا بالنادي هي الإشراف.. وبما أن للنادي مسئولية أولى تجاه مؤسسيه ووثيقتهم، واستجابة لحتمية التعلم والتطور (سواء من الأعضاء أو من عوامل خارجية)، فإن فكرة البرلمان أو هيئة اشرافية أو لجنة رقابة، او أي شي.. تحتاج مزيد من التفاعل بين الطرفين آخذين بعين الاعتبار صفة نادي الفكر، اختلاف مسئولياته، والتعلم!!!

وعشان التعلم ياميراج، بعد ان ادوشتك جدا.. ههههههههههههه.. خلينا ننتقد القانون بروح العضو في هذا القطاع الثالث، مش بروح المعارض الحزبي اللي ضد الحكومة.. يعني بلاها كلمة إذعان وما إذعان.. :P