لم لا نذكر الضحايا البشرية المقدمة للآلهة المتعددة؟

لم لا نذكر أن أكبر حروب العالم، إنما نشأت بين قوى لا دينية؟

بأي دافع ديني نشأت الحربين العالميتين، والحرب الباردة مع فروعها؟

كم هو بسيط هذا التسطيح، وكم هو سهل اختصار مآسي البشر بتعليقها على المشجب الغائب، عالمين أنه لا يوجد منه في وافع الحياة ما هو كفيل بالرد عن نفسه. كم هو سهل استضعاف الغائب والاستئساد على أتباعه، واحترام الحاضر، والتأرنب أمام قوته.

هلا جمع لنا المدعو آرفان ضحايا "الحروب الدينية"، وعمل مقارنة صغيرة بينها وبين الحروب اللادينية؟

هلا فصل لنا آرفان فيم كان عبدة زيوس وجوبيتر يعدون الناس برابرة، ولأي شيء خرجوا لغزو العالم؟

هلا شرح لنا آرفان لأي شيء كانت الأمم تحرق بنوها وبناتها بالنار، وتذبحهم قرابين على مذابح الآلهة المتعددة؟

مع كل الأسى الذي أحمله على إبادة كورتيز ورفاقه للبشر في امبراطورية الأزتيك وغيرها، من أصحاب الآلهة المتعددة، إلا أنني أتابع بكل أسى ايضا قصص الذبائح البشرية التي كانت تجرى لإرضاء الآلهة الشمسية والألهة القمرية، والألهة المابعرف شو هيي، وأكل السدنة لأجزاء من جسم الضحايا من أجل العرافة والسدانة.

ثم يرى آرفان أن العرب في جاهليتها كانوا خيرا منهم في الإسلام، إذ قد خلى تاريخهم من حروب دينية. وفي هذا يجعل المقال من نفسه سخرية مرة. أوكان غير مستهجن عند آرفان قتل العرب بعضها البعض في ناقة جرباء، أو في فرسين استبقا، ثم لم يستهجن إلا الحروب التي أخرجت الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؟

ختاما، فإن تناول الغائب المستضعف أهون على النفس وأيسر على البشر من تناول الحاضر المتجبر، وقد علمنا غياب الدين من التحكم في حياة الناس منذ عهد بعيد، وذلك حتى في اضعف صوره المقترحة. أما ما يحكم حياة الناس وهو غير الدين، فما نلقى له نقادا، قد يكون لخوف من سلطة تتناول الناقدين بالعقوبة أو التنكيل.