اقتباس:  خالد   كتب/كتبت  
أما عن الحروب، فمن الرومنسية بمكان تصور العالم دون حروب.
الحرب نشاط بشري تقليدي، كان منذ نشأ البشر على وجه البسيطة، مثله مثل العمران وممارسة الحب والتجارة والاستكشاف، ولم نعلم زمنا قد خلا فيه العالم من الحروب بمطلقها.

الخطأ ليس في الحرب، بل في إدارة الحرب وفي أهدافها، والصواب هو في إحسان إدارة الحروب وفي إحسان اختيار أهدافها.

وقد جرب البشر الرومنسي حلولا متعددة لوقف الحروب، كان من أبرزها تلك المنظمات المسماة عصبة الأمم وهيئة الأمم، فما راعنا إلا أن هذه المؤسسات إنما قامت لتشريع حروب الأقوياء، وتجريم حروب الضعفاء. وفي ظل الأولى نشبت الحرب العالمية الثانية وانتهت خارجها، وفي ظل الثانية نشبت الحرب الباردة وختمت حارجها، ونشبت كل حروب أمريكا الصغيرة والمتوسطة والكبيرة والتي بالوكالة للسيطرة على العالم والتفرد بالقرار الدولي.

أعد القراءة يا إبراهيم، ونحن على الأرض نقاتِل ونقتُل، ونقاتَل ونقتَل. وهكذا كان البشر منذ البدء، وسيبقون هكذا. فلا مجال لوضع الرأس في الرمال منتظرين ذهاب العاصفة والخطر، بل الأجدى هنا هو إدارة الأزمة بدلا من تجاهلها.

وليس البشر جميعا ربانيون حلماء يا إبراهيم، وليسوا كذلك زنادقة مجرمين. البشر توزيع طبيعي، ومن الطبيعي أن يبرز بينهم الكثير ممن يميل إلى اتخاذ العنف وسيلة لحل الأزمات.

فإن ترك هؤلاء وما ارادوه، فماذا يصير بالباقين؟

ثم إن عنف الدول والأمم فيما بينها بما يسمى بالحروب، له نفس تبرير عنف الدول على رعيتها بما يسمى بالعقوبات، ولا يقوم أمر بالرفق وحده ولا حتى نشوء الكون ولا ولادة البشر.

الزميل العزيز،
فلنبتعد عن الرومنسية، ولنر سوية أن الحروب كانت ولا زالت وسيلة تعبير عن العلاقات بين البشر، كشأن غيرها، وليس أي منها بخير بذاته ولا شر بذاته، وما صنعه الدين إلا أنه نظم الحروب، كما صنع ذلك الإنسان بعيدا عن الدين. وما يزال يتردد في أروقة الساحات الدولية اليوم مصطلحي الحرب المشروعة، والحرب الغير مشروعة.