عزيزي "حارس السراب"،

اعتاد صاحبنا أن "يتبول" حيثما يشاء. لكن أنظمة النادي أقصته عن منطقتنا. فأنت تعلم أنه لا يستطيع أن يحافظ على المعايير المطلوبة في ساحتي المفضلة. لذلك تمّ استبعاده عنها.

ليس هذا معناه أنه منع نفسه من دخولها والمشاركة بها، ولا هي الإدارة فرضت عليه قيوداً أو ما شابه، ولا نحن منعناه؛ لكن ببساطة، لا يستطيع أن يصمد في الساحة بشروطها وقوانينها المفروضة.

إذن، من حيث مثالك، جاءت "الشرطة" وحذرته من "التبول" على رؤوس المارة، واضطر إلى اللجوء إلى بيته "ليتبول" فيه كما يشاء.

أعتقد أن هذا حقه. وليس لنا عليه حق.

نعم، في مداخلته بضعة ألفاظ وجمل يجب أن تمتع الإدارة بالنزاهة الكافية لتحريرها (لا أدري لماذا لم تفعل حتى الآن وتقضي على 3/4 المشكلة). لكنك تعلم أن الإدارة مكونة من أعضاء، والأعضاء هم أشخاص، والأشخاص أبداً ليسوا كاملين. فيهم الأقرب من الكمال مثلك. وفيهم الأقرب إلى النقص مثلي. يبدو أن موضوع صاحبنا وقع بين يدي الأشبه بي لا الأشبه بك.

والآن، ما العمل؟!

أتعلم فيما أفكر؟!

أفكر دائما في 3بضعة مواضيع قرأتُها عندما وطئت قدماي أرض هذا النادي وقررت أن أشارك فيه.

أتعلم أن أفضل هذه المواضيع يتعرض لبعض عقائد ومقدسات الديانة المسيحية بأسلوب وكلمات وأفكار تفوق ما جاء به صاحبنا بعشرات المرات.

هل غضبت؟!
هل انزعجت؟!
هل ثرت؟!
هل حنقت؟!

لا.

ببساطة، قلت في نفسي: من حق هذا الزميل أن يفكر كما يحلو له، وأنا سعيد لأنه أفصح عما يدور في خلده من أفكار. لأنه يبنيني. يضع أقدامي على الأرض الصلبة عوضاً عن التحليق في سماء الأحلام.

حملني على مواجهة أقواله واتخاذ موقف شخصي حيالها، هل هو محق أم أنه مخطئ.

بعد هذا القرار الشخصي، دار بيننا حوارات بنّاءة جداً.

أين تمّ ذلك؟!

في ساحة "عقائد وأديان" نفسها، قبل أن يأتي إليها المسيحيون والمسلمون ليدنسوها بهرائهم "المحترم" و"بولهم" الراقي.

عزيزي،

لقد عايشت الساحة عندما كانت الأفكار هي المهمة لا العراك والشتائم المبطنة والأحقاد الدفينة في ثنايا الكلمات اللاسعة التي تسمم الضمائر مختفية بين الابتسامات الصفراء التي تثير الاشمئزاز.

أقلّه، هناك من لا يزال يحتفظ ببعض الكرامة لفصح عما يجول في خاطره بكل صراحة وصدق فلا يهادن ولا يختبيء خلف أقنعة من الكلمات المعسولة القاتلة.

لذلك، يا عزيزي، بما أنك تستطيع أن تفهم الآن طبيعة الحوار الذي دار في ساحات "عقائد وأديان" بكل انفتاح وصراحة ومواجهة وشجاعة، وذلك بالرجوع إلى المواضيع الأولى في الساحة، يمكنك أن تفهم لماذا لا أستطيع أن أدين صاحبنا على موضوعه، بل وأتجاوز صاحبنا لأدين من يستحق فعلاً أن يُدان. فصاحبنا لم يكتب شيئا مقارنة بما كان يُكتَب. و"العاقل" سيذكر بالتأكيد. هو وصديق آخر كان اسمه "المورد2" عسى أن يكون بخير أينما كان.

أتعلم ما هو خطأ الإدارة الأكبر من وجهة نظري؟!

لقد اكتشفته لتوّي.

خطأها الأكبر كان الاستجابة لطلب البعض بضرورة تقييد شروط الحوار في ساحة عقائد وأديان.

كان عليها أن تترك للجميع الحرية للتعبير عن آرائه.

عندها كان المبشرون والدعاة سيلحقون بأول قافلة ويرحلون عن هنا. فالدعاة الأطهار والمبشرون القديسون هم أنجس من أنجبت منتديات الحوار الديني.

مختصر مفيد، بخصوص الموضوع أعلاه، وثيقة النادي واضحة. الإدارة مخطئة في عدم قيامها بتحرير بعض الجمل والعبارات المخلة ببعض بنودها. أشرت والزملاء إليها.

غير ذلك، فكما قلت أنت، المنتديات "أكتر من الهم على القلب"، يمكن لمن لا يعجبه الحال أن يشد الرحال. لكن الذي يجب أن يشد الرحال يا صديقي، ليس أنت، فلا تفهمني خطأ.

لم أصمد طويلا في منتدى الأقباط. أعتقد أنك تعرف السبب.
أتعلم أين أيضا لم أصمد طويلا؟!
في غرفة المسيحيين في البال توك. قلت جملتين فنلت الإشارة الحمراء . خرّسوني يا صديقي لأنني تكلمت باسم شخص لم يعودوا يتعرفون إليه.

غريب. أليس كذلك؟!

بيت العرب، الذي ارتحت إليه رغم شغب المشرفين "المسلمين" -منهم مسلمة التي دعتني إليه - أغلق بسبب مشاجرات داخلية بين بعض أعضاء إدارته. خسارة كبيرة.

منتدى سلفيون أيضا أغلق أبوابه.

لم يتبقَّ إلا منتدى أهل السنة والجماعة. مشكلته أنه نسخة من البال توك. لا يمكنك أن تحتمل الحوار فيه أكثر من يوم. ثم تشمئز وتخرج.

أعلم أنني فضفضت أكثر من اللازم.

أحببت نادي الفكر وما زلت أحبه. ولذلك تراني لا أزال حاضرا. حبذا لو تعود أيام حواراتي الأولى. رغم دناءة صراحة تلك، لكنها أشرف بكثير من دناءة الدفيئات الموبوءة التي نسميها مواضيع حوار والسائدة منذ بعض الوقت.

أرأيت؟! أنا الثرثار لا أنت. وتذكر أنني أكتب وكان من الواجب أن أكون قد أويت للنوم منذ ساعات. يعني لو أنني انتظرت للصباح، لربما كتبت صحيفة كاملة - صحيفة لن يقرأها أحد .

على أية حال، حتى وإن لم يقرأها أحد، لا يهم. فهذه أفكاري وآرائي وانطباعاتي وخبراتي، وهي في النهاية لا تهم أحداً غيري.

تحياتي القلبية

:97: