اقتباس: philalethist كتب/كتبت
من المعروف أن "قطع اليد" حد إسلامي لا جدال فيه. ويوجد حوله عدة أحاديث تؤكد وتشجع عليه (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها). ومعروف أيضا أن أغلب الدول الاسلامية لا تنفذ هذا الحد وربما يؤكد بعض المسلمين أن ذلك يعود إلى أن حكومات تلك الدول غير اسلامية أبدا، بل يقودها طواغيت يحكمون بغير ما أنزل الله.

سؤالي هنا لبعض الزملاء المسلمين: هل لو وصلتم يوما ما للحكم (أو وصل إليه من ترون فيه الحاكم الصالح) ستقومون بتنفيذ ذلك الحد حقا على كل من ارتكب عملية سرقة؟

طبعا هناك حدود اسلامية أخرى مثل قطع الرقبة (لقاطع الطريق مثلا) والجلد والرجم حتى الموت، الخ. لكن أردت هنا فقط أن أركز على حد السرقة فقط أي "قطع اليد".

هل يا ترى سيقوم المسلمون حقا في القرن الحادي والعشرين بقطع يد اللصوص (وما أكثرهم في أيامنا هذه)؟ أم أن حد الله هذا قد أتى عليه الزمن ولم يعد يصلح لوقتنا وبالتالي فمنعه من طرف الحكومات الاسلامية ليس من باب الخروج عن الاسلام ولكن فقط من باب الخضوع لمتغيرات العصر؟

[SIZE=5]نعم يا زميل الحكم ما يزال قائما حتى يومنا هذا، بل وما زالت المملكة العربية السعودية تطبقه حتى الآن، وكانت قبل سقوطها طالبان تحكم به وتطبقه على كل سارق محتال، وأما سائر الحكومات فهي في جل أحكامها لا تقوم على الإسلام وللأسف، بل وحتى السعودية في كثير من الأحيان تلتف على أحكام الإسلام بالعنصرية والقومية تارة، وبالخوف من دول الغرب والولايات المتحدة تارة أخرى...

ومع كل هذا فما زال يطبق هذا الحد في بعض البلدان في نيجيريا وبعض أقاليم الصين التي تحكم بالإسلام فيما أظن والله سبحانه أعلى وأعلم..

ولكن المشكلة هنا ليست في تطبيق الحد أو عدم تطبيقه، ولكن فيمن يظن وجوب الحد على كل سارق كما ظننت أنت يا زميل وتظن..

في السرقة والحدود باختلاف أشكالها وصورها هناك ما يُسمى بالشروط والضوابط لهذه الأفعال حتى تقام على صاحبها الحدود والأحكام، ومن ذلك:

1- أن يكون السارق سرق المال خفية عن أعين الناس، لا عنوة أخذه أمام الخلق والناس، لأنه بهذا لا يكون سارقا بل غاصبا، وله حكم آخر يخصه..

2- أن يكون السارق عاقلا، لا سفيها أو مجنونا، واختلف الفقهاء في السكران شارب الخمر...

3- أن يقصد بفعله السرقة، لا اللهو والمتعة فلكل حكمه، كما إذا سرق سيارة ليلعب وليلهو بها ثم يتركها لحالها أو يعيدها، فهذا لا ينطبق عليه حد السرقة...

ويلتحق بما سبق عدم وقوع الإكراه في حق السارق، فإن ثبت ذاك الأمر فلا حد عليه..

4- أن لا يكون السارق مضطرا، وذلك كأن يوشك أبناءه على الهلاك من شدة الجوع فيسرق ليسد جوعتهم، فما لم يزد على ذلك فلا حد عليه، ولا تسقط عنه عقوبة التعزير إلا بإسقاط القاضي لها، ولهذا فقد صرح بعض الفقهاء بأن لا حد سرقة يقام في سني المجاعة التي تصيب جماعة المسلمين..

5- أن لا يكون السارق أصلا للمسروق منه، أو فرعا له، لأن الوالد مالك لمال ابنه، والابن في شبهة في أخذه من مال أبيه...

6- أن يكون المال في حال الشراكة محروزا عن أحد الشريكين، ومن ذلك العلاقة بين الزوجين، فما أخذت الزوجة من مال زوجها أو الزوج من مال زوجته الظاهر فلا حد فيه إلا أن يكون محروزا، كما إذا كان ذهب الزوجة ومالها في صندوق مقفل أو خزينة محكمة، وإن كان كل ما سبق لا يُسقط العقوبة وإن سقط الحد...

7- انتفاء شبهة استحقاقه المال، كما لو سرق العامل مالا من مال سيده يجد حقه فيه، وثبتت هذه الشبهة حال القضاء والمقاضاة، لا مجرد ادعاء يدعيه صاحب الادعاء..

8- أن يكون المسروق منه معصوم المال، كأن يكون مسلما أو ذميا، وأما المحارب فلا عصمة لماله، فلا حد على سارقه، كما اليهود في فلسطين فكلهم محاربون من حمل السلاح منهم ومن لم يحمله...

9- أن يكون المسروق متقوما، بمعنى أن تكون له قيمة شرعية، فأما الخمر والخنزير وكذا الصليب عند عامة الفقهاء فليس بمتقوم، فلا يقطع فيه وإن غلا ثمنه..

10- أن يبلغ المسروق نصابا، فإن كان أقل منه لم تقطع يد السارق، وإن كان لا يأمن من العقوبة...

وهناك شروط أخرى فرعية عن هذه الشروط، فإن تحققت وقع القطع وإلا فلا، فقد يجهل المرء ما سرق أنه مال حرام عليه، وقد تكون هناك قرابة أصل وفرع، أو زوج وزوجة، أو تاجر وشريكه في ما ليس بمحرز عن أحدهما، فهذه أمور تسقط الحد ولا يقوم بها، ولو تصورنا وقوع الحد فيما يرى المرء في الظاهر لأقيم على نصف المجتمع إن لم يكن على معظمه هذه الأيام، وهو في الحقيقة لو أقيم حتى بشروطه السابقة تلك لانتفت السرقة بين الناس إلا في أضيق الحدود، ولعاش المجتمع بأمن وأمان وسعادة واطئنان...

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	ما "اختلسه" القران من الكتاب المقدس	لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة	89	28,361	10-23-2011, 12:11 AM آخر رد: لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة
	ابونا ادم مازال حيا يرزق!!!!!!!	سجاحالموصلية	11	3,584	12-22-2010, 01:49 PM آخر رد: سجاحالموصلية
	سقوط رواية سن السيدة عائشة "زواجها والبناء بها" بالضربة القاضية	zaidgalal	315	93,515	10-24-2010, 08:37 PM آخر رد: طريف سردست
	و يبقى اللغز قائما لدى النصارى	صولات وجولات	21	4,684	08-31-2010, 11:39 AM آخر رد: ((المسافر))
	" المسيا " العربى	كميل	7	2,856	01-31-2009, 03:49 PM آخر رد: fancyhoney