مهمة إيران الجديدة

أحمد الربعي



بعد أن عجز العرب والمسلمون عن إلغاء إسرائيل من الوجود، يأتي الرئيس الإيراني محمود نجادي ليجرب حظه وليعلن «حلالا بلالا» بأنه يريد محو إسرائيل من الخريطة. وبعد أن فشلت تضحيات مئات الآلاف من العرب ممن قتلوا وجرحوا في حروب كثيرة مع إسرائيل، وانتهت هذه المواجهات بمزيد من احتلال الأراضي العربية، يأتي الرئيس الإيراني ليجرب حظه هذه المرة.
ليس هناك سوى طريقتين للرئيس الإيراني لمحو إسرائيل من الخريطة، أولهما تجييش الجيوش الإيرانية وتحريكها نحو إسرائيل، وهذا يتطلب موافقة عدد من الحكومات العربية التي ستمر هذه القوات في أراضيها، وجميع هذه الدول موقعة على المشروع العربي للسلام مع إسرائيل، والذي يتضمن إقامة دولتين، واحدة لليهود والأخرى للفلسطينيين، كما أن عليه أن يدخل عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي التي تديرها سلطة وطنية وقعت مع إسرائيل أكثر من مشروع سلام، وهناك التزامات فلسطينية تجاه إسرائيل.
أما الطريقة الأخرى فهي تطوير سلاح نووي واستخدامه لضرب إسرائيل، وهذا يثير مشكلة أخرى فالسلاح النووي ليس سلاحا ذكيا فهو يقتل الجميع، وهذا سيؤدي إلى مقتل أربعة ملايين فلسطيني يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي إسرائيل. كما أن هذه القنبلة لا تحترم الحدود الدولية، وسيصل خطرها إلى شعوب الأردن ومصر وسوريا ولبنان وغيرها من الدول المحيطة بإسرائيل..!
ثم هل يعقل لشخص يريد إلغاء إسرائيل من الخريطة أن يعلن هذا المشروع التاريخي والخطر على الملأ، أليس من المفترض أن يكون هذا واحدا من أهم الأسرار الإيرانية.
محمود نجادي وحده سيلغي إسرائيل، فكل العرب وعلى رأسهم أصحاب القضية الفلسطينية يتبنون مشروعا للسلام مع إسرائيل، ومحمود نجادي يهمه إرضاء جمهور محتشد متحمس في طهران، حتى لو انقلب العالم كله ضد إيران ، والرئيس الإيراني الذي يحتاج لتعاطف دولي مع مشروعه لاستخدام الطاقة النووية وحد المجتمع الدولي كله ضده . وإسرائيل لو دفعت الملايين لما تمكنت من تحقيق نصف ما حققته من نجاح بسبب تصريحات الرئيس الإيراني، التي استخدمتها بذكاء شديد لمحاصرة إيران.
سفراء إيران في عدد من العواصم الغربية حاولوا التخفيف من هذه التصريحات وقالوا انه لم يقصد إلغاء اسرائيل من الخريطة، لكن الرجل حسم أمره وأعاد تأكيد تصريحاته..!
إسرائيل دولة مجرمة ومعتدية ولكنها دولة محظوظة حقا، فأعداؤها يقدمون لها خدمات مجانية على طبق من ذهب، وتصريحات الرئيس الإيراني جاءت هدية من السماء للإعلام الإسرائيلي للاستمرار في حملة التضليل والخداع ، والأخطر من ذلك أن الرئيس الإيراني أعطى المبررات الكافية لأميركا وإسرائيل بطرح مشروع مهاجمة المفاعل النووي الإيراني باعتباره خطرا على المجتمع الدولي..!
والرئيس الإيراني وضع لنفسه مهمة جديدة تستحق كثيرا من الجهد والوقت..!


فليتفضل نجادي ويشرح لنا كيف سيمحو اسرائيل من الوجود ؟
تصريحه الغوغائي كان اكبر خدمة لاسرائيل