أعود الآن إلى التساؤل الذي تفضل به الختيار..

بعد السؤال و الاستفسار، أضع لكم التالي:
بالنسبة للآية الكريمة التي ورد فيها "و الله يعصمك من الناس" و التي تفضل الختيار بأن المعنى العصمة بشكل تام و ما إلى ذلك داعما كلامه و مساندا إياه بأمثلة من معاجم اللغة و أقوال المفسرين ... و من ثم طرح التساؤل عن سبب قوله تعالى في آية أخرى: "...أفئن مات أو قتل..." إلى آخر الآية الكريمة، فقد تعلمت بفضله الكثير إن شاء الله و سأطلعكم عليه الآن...

الآن بالنسبة للعصمة فلها أوجه عديدة كالعصمة من الأذى و الخطأ و ما إلى ذلك، و لو افترضنا أن العصمة التي وردت هنا هي عبارة عن عصمة من الأذى الذي يلحقه من البشر لما تحقق مضمون الآية الكريمة فالرسول صلى الله عليه و سلم تعرض لأذى كثير سواء كان جسديا أم نفسيا في سبيل الدعوة..

لنأتي إلى المعنى المستقى من العصمة الوارد ذكرها في الآية، فهي تعني أن الله يعصم الرسالة من أن يمسها سوء أو أذى و يحفظها بإذنه بحفظ النبي صلى الله عليه و سلم و دعمه بالمنطق و العقلانية و الصفات التي تتيح له إيصال هذه الرسالة لمتلقيها، فتصله بأجمل شكل، كما تتضمن إلقاء حب هذه الرسالة في كثير من قلوب الناس...

من الأمثلة التي قد توضح لنا المقصود (و لله المثل الأعلى) مبدأ السفير في الدول، فهو عندما يشارك في مؤتمر أو لقاء معين فهو لا يتكلم بلسان حاله الشخصي و إنما بلسان السلطة التي أرسلته، و العصمة هنا هي الحصانة الدبلوماسية التي يحوزها ذلك السفير بحكم سفارته، لكنه عندما يكون بين أهله فلا حصانة له منهم و قد يتعرض إلى ما يمكن أن يتعرض له أي إنسان.

الآن الرسول صلى الله عليه و سلم بشر مثلنا، و الحصانة التي تحصل عليها هي حصانة الرسالة من الأذى و حفظها بإذن الله تعالى و أمره، و بالتالي ذكر احتمال موت محمد أو مقتله في موضع آخر من القرآن الكريم لا لغط فيه و لا تناقض إن شاء الله، فهو كسائر البشر يأكل و يشرب و يمرض، و كذلك يموت أو يتعرض للأذى بحكم بشريته و إنسانيته...

عذرا للإطالة و أرجو أن أكون قد أفدت...

تحياتي الوردية (f)