مساء الفل

لا أجد أي فائدة من استمرار الصراع الكلامي بين من يؤيدون حرية الجنس أو من يرفضونه.
فهؤلاء ينطلقون من أسس تختلف عن أولئك تمام الإختلاف ولن تحل المشكلة إلى الأبد.

ولكن أستطيع أن أرى أرضيّة مشتركة يستطيع الطرفان الإتفاق عليها والانطلاق منها للقضاء على الجهالة المنتشرة في المجتمع العربي في الوقت الحالي ، وحتى أكون محددا ، أستطيع القول أن الجميع يستطيعون الإلتقاء عند هذه النقاط :

* ضرورة نشر الوعي الجنسي لدى الجنسين بطريقة فعالة منذ الصغر وقبل سن البلوغ تحديدا لتهيئة البالغ أو البالغة لمواجهة هذه السن بفهم بدلا من الإنزلاق إلى أجوبة خاطئة يحصلون عليها من جهات خاطئة.

* ضرورة إنهاء التعامل مع الأنثى على أنها طرف مفعول به في علاقتها مع الذكر ، وضرورة القضاء على النظر إلى الأنثى بوصفها الطرف المذلول والمهان والمكسور العين، ولا بد من التأكيد على أن الذكر لا يقل جرما عن الأنثى لدى الأشخاص الذين يدينون الزنى.

* ضرورة معاقبة كل من يتفوه على الأنثى أو الذكر بلفظ جنسي بذيء كمرتكب جريمة سب وقذف ما لم يستطع إثبات ما يقوله، وضرورة الكف عن ترويج تلك الكلمات وإدراك أنّه في عرف المتدينين والمحافظين على الأخلاق فتلك الكلمات تعتبر جريمة دينيّة قبل أن تكون مدنيّة ، ولا بد من نشر الوعي بأنّ هذه الكلمات لا تنطق بهذه البساطة، وأن من يستهترون بهذه الكلمات لا بد أن يغيروا من نظرتهم عندما يلقون التوبيخ الملائم حين التفوه بها من أفراد المجتمع.

* ضرورة نشر الوعي بأنّه ليس من حق أحد في جميع الحالات أن يطبّق عقوبة جسديّة على شخص آخر ، وأن ذلك من وظيفة القانون وحده ، وشرح معنى " حق الدفاع الشرعي عن النفس " للجميع وتفعيل استخدامه في حالات جرائم الشرف.

* ضرورة نشر الوعي بتجريم التجسس على الآخرين بغرض فضحهم وكشف أسرارهم وتتبع خباياهم للتشهير بهم بين الناس ، وأن ذلك أمر ترفضه جميع الحضارات، وأن من يفعل ذلك لا بد أن يلقى التوبيخ الملائم الذي يستحقه من المجتمع والعقاب المؤلم من القانون.

عند تحقيق هذا في المجتمع العربي من الممكن أن نبدأ في الحديث عن مواضيع أكثر عمقا مثل حرية الجنس وغيره.

ولكن وقتها سيكون المجتمع غير المجتمع ، والأشخاص غير الأشخاص ، والعقول غير العقول ، وسيكون لكل مقام مقال .

وحتى ذلك الحين ، لن يمنع حديثكم هنا أي شخص في أي مكان من فعل ما يشاء حينما يشاء ، ذكرا كان أم أنثى ، مهما كانت القيود المفروضة عليه أو عليها.

أراكم بعد حين