{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
دعوة لاستماع محاضرات د.عبد الكريم بكار .........الذي له فضل كبير في الصياغة الحديثة للعقل المسلم .
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #5
دعوة لاستماع محاضرات د.عبد الكريم بكار .........الذي له فضل كبير في الصياغة الحديثة للعقل المسلم .


المقال الثالث ...........

في إشراقة آية

((ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ))

د. عبد الكريم بكار

هذه آية عظيمة القدر في كتاب الله - عز وجل -حيث إنها تسهم إسهاماً كبيراً في تشكيل رؤية المسلم إلى أشياء كثيرة في عالم الأحـيـاء وتـرتـب عـلى عدم الاهتداء بهدي هذه الآية كثير من الخلل في حياتنا المعاصرة.

وما اخترناه ليكون عنوانا لهذه المقالة جزء من آية هي قول شعيب عليه السلام لقومه ((يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبـِّكُـمْ فَـأَوْفُوا الكَيْلَ والْمِيزَانَ ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ولا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا ذَلِكـُـمْ خَـيْـرٌ لَّـكُــمْ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) [ الأعراف:85].


وسياق الآية وإن كان يدل في ظاهره على أن المقصود المباشر بـ (أشياءهم) هنا ما يـتـبـادلـه الـنـاس فـي معاملات هم من المتاع ، إلا أن ما يملكه الناس ويتمتعون به من أخلاق وأفكار وتاريخ... أولـى بإقامة العدل وإنزاله في منازله من غير وكس ولا بخس ولا شطط لما يترتب على الإخلال بذلك من الحقد والقطيعة والفرقة وذهاب الريح ...

ولما كانت أصول دعوات الأنبياء - عليهم السلام - واحدة فإن الأمـر بـإقـامـة الـمـوازيـن والـحـكـم بـالـعـدل والإنصاف ظل الوصية الخالدة التي يوجهها كل نبي إلى قومه ؛ لأنه بالعدل قامت السماوات والأرض ...

وقد أوصى الله تعالى رسوله محمداً -صلى الله عليه وسلم- أن يـعـلـن لأمـتـه أمـر الله له بإقامة العدل فيها ، فـقـال: ((وقُـلْ آمَـنـتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ)) [الشورى:15].

وأوصى المؤمنين بإقامة العدل مع الناس كافة حتى الأعداء الذين يبغضونهم ويحاربونهم ، فقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) [المائدة:8].

وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقوم لله بالشهادة فيعطي كل ذي حق حقه ، وفي سيرته العطرة مئات الشواهد التي تفيد الـتـزامـه المـطـلق بإنزال الناس منازلهم ، وذكر محاسنهم وميزاتهم، مهما كان انتماؤهم وحيث كان موقعهم فهذا هو يقول: »أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:ألا كل شيء ماخلا الله باطلاً« .
مع أن لـبـيـد وقـتـهـا كـان كـافـراً(1) ، وكان بإمكانه علـيه الصلاة والسلام أن يثني على شعر بعض أصحابه المملوء حكمة وهدى بدافع حصر الخير فـيـهـم، ولكن الالـتـزام بالحق والإنصاف وعدم بخس أحد حقه يأبى ذلك فأثنى على كلام رجل كافر.

ومن الجدير بالذكر هنا أن عثمان بن مظعون رض الله عنه سمع لبيداً ينشد الـبـيـت فـلـمـا قال:
ألا كل شيء ماخلا الله باطل
قال له عثمان: صدقت ، فلما قال:
وكل نعيم لا محالة زائل
قال له عثمان: كذبت نعيم الجنة ليس بزائل.
وإن المرء ليعجب لهذا الإنصاف أيضاً من عثمان المقتبس من مدرسة النبوة حيـث أثـنـى في النصف الأول على لبيد ، ويكذبه في النصف الثاني!!.

وجاء المسلمون بسفانة بنت حاتم الطائي في السبي ، فـذكـرت لـرسـول -صلى الله عـلـيـه وسلم- من أخلاق أبيها ونبله فقال لها:
»يا جارية هذه صفة المؤمنين حقاً لو كان أبوك مؤمناً لتـرحمـنا عليه ، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق والله تعالى يحب مكارم الأخلاق«(2)
لقد وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حاتم المـوقـف الذي تمليه شريعته الغراء التي جاء بها فأثنى عليه وأطلق سراح ابنته وأكرمها ولكـنه لم يـتـرحم علـيه لعدم إيمانه لتهتدي الأمة بهذا الهدي النبوي العظيم!!.

ونبه -صلى الله عليه وسلم- النساء على ما يجري على ألسنتهن من انتقاص أزواجهن وجحد معروفهم عند أدنى خلاف فقال: »أريتُ النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن ، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط« (3).
وإن هذا الحديث يبرز قضية العدل إبرازاً يقل نظيره حيث جعل عليه الـصـلاة والـسـلام جحوده سبباً كبيراً لكثرة وجود النساء في النار ، وكأن كفران العشير يحدث في الـحـيـاة الزوجية من الشروخ والندوب ما يوازي الجرائم الاجتماعية الكبرى.


وعلى هذا المنوال نسج الصحب الكرام رضوان الله علـيـهـم حـيـن إصدار الأحكــام عـلـى الخصوم فضلاً عن الإخوة والرفاق ، فقد قاتل علي رضي الله عنه الخوارج وقاتلوه ثم قتلوه ، ولما سئل من قبل بعض الناس عنهم أمشركون هم؟ قـال: مـن الـشـرك فـروا ، فـقـالـوا: أفمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً - أي هـؤلاء يـذكـرون الله كثيراً - قيل: فما هم يا أمير ألمؤمنين؟ قال: إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم بـبـغـيـهـم علينا!!(4).
فهل بعض إنصاف أبي الحسن من إنصاف؟ وهل هنالك كلام يقوله شاهر سيف أرق من هذا الكلام؟!.


وظل روح العدل والإنصاف سارياً في الأمة قروناً عديدة ، وتجلى ذلك بشكـل واضح جداً في القواعد التي صاغها المحدثون في الجرح والتعديل حيث وضـحـوا الـجـوانب المختلفة لشخصية الراوي، وحكموا على كل زاوية على حدة، ثم انتهوا إلى حكم عام حوله، وصار عندهم من الظواهر المألوفة أن يطلب أحدهم الدعاء من رجل فإذا جاءه حديث عن طـريـقـه حكم على الحديث بالضعف لأن طلب الدعاء مبني على اعتقاد الصلاح ، أما قبوله روايته فيعتمد على شيء آخر كضبط الراوي وعلمه ونباهته ، وغير ذلك...


ولكن تراجعت هذه الرؤية الموضوعية الفذة فيما تراجع من الجوانب المخـتـلـفة مـن حـيـاة المسلمين وصار المنصفون الذين يجردون الشهادة لله ، ويضـعـون الأمور في مواضـعـهـا دون بخس أو تزيد من القلة الذين يشار إليهم بالـبـنان، ولـنـذكـر بـعـض النماذج التي ضربت بجذورها في حياة المسلمين اليوم، وصارت تشكّل ظـاهـرة مـرضـيـة مـزمـنـة، وذلك نتيجة التطفيف في المكاييل وبخس الناس أشياءهم:

1- يقوم شاعر ماجن أو ملحد بنظم قصيدة عصماء تـتـوفر فيها كل العناصر الفنية المجمع عليها ، فيتصدى لنقده بعض أهل الخير ، فيسقطه ويـشـنـع عـلـيه غـاضاً الطرف عن كل إبداعه الفني، وما ذاك إلا لأن اتجاه ذلك الشاعر لا يروقه فاتخذ منه موقفاً ثابتاً ، حتى لو كان مضمون تلك القصيدة لا يمس أصولنا الاعتقادية ، ولا مسلماتنا المذهبية.
والواجب في مثل هذا أن يثنى على جوانب الإبداع في القصيدة ، وينتقد المضمون إن كان فاسداً نقداً أصولياً هادئاً عفيفاً.
ومن الواجب كذلك أن يفرق بين إنتاج الرجل الواحد فيثنى على الصالح مـنـه وينـتـقد ما فيه دخن ، يقدم أحد الكتاب أو الشعراء خدمة جلى للمسلمين في كتاب أو قصيدة ويتعثر في كتاب أو كتب أخرى فيعطي حقه في كل منها دون بخس أو شطط ، وحين يكون النقد أو الخلاف في وجهات النظر على هذا المنهاج يكون إمكان الإصلاح أقوى ، ونكون أقرب من الصواب ، وأقرب للتقوى.
والرؤية التي يشكلها الإسلام لدى المسلم السوي في مثل هذا أن يشجع الأعمال الإيجابية، ويـثـني عـلـيـهـا ، ويـكـون عـوناً فيها، فإذا رأى خللا نبه عليه، وحذر منه وقام بالبلاغ المبين، ولو جرى مثل هذا في المجـتمـع لـسـاد الانـطـبـاع بالإنصاف لـدى الفريـقـيـن ومَن بينهما من الناس ولأدى ذلك إلى تفتيت كتل المتـشنجين والمتحاربين الذين لا يرون لغيرهم فضلا ، ولا يظنون فيمن خالفهم إلا سوءا.


2 - يتآخى بعض أهل الخير في الله ويسعون جهدهم لخدمة هذا الدين وأهله صفاً واحداً، ثم تحدث اجتهادات أو أخطاء تؤدي إلى تباين وجهات النظر ، فتنشأ في الصف الـواحـد تيارات ومدارس ، وقد يتطور الأمر فيجد بعضهم الاستمرار مستحيلا مما يجعله يقـعـد أو ينحو منحى آخر يجده أجدى وأنفع.
وسرعان ما يخـتـلـف اتـجـاه الـريـاح، فيصبح الأخ الناصح أو الـقـائد المحنك أو الصادق المخلص جباناً ، أو بخيلاً أو صاحب مصالح بل قد يصبح عميلاً أو مـنافـقـاً... إلى آخر ما يجود به قاموس (عمى الألوان ) من الأوصاف الشنيعة والاتهامات المقذعة ، ويصبح اللقاء بين الحميمين العدوين ضربا من المستحيل مع أن نظرة متأنية منصفة في سـاعـة إنـابـة لله جل وعز كفيلة بتبديد الغيوم وإذابة الثلوج. وإنما يحـدث مـثـل هذا لخـلـل في الـتـربـيـة الاجتماعية وأسلوب التلقي وغياب المناهج والمعايير الدقـيـقـة التي يتحاكم إليها المتنازعون ، وما غابت المناهج النيرة إلا كان البديل هو الاتهام وسوء الظن وطمس الحقوق.



3-قد يحدث أن يسوق الله طالب علم إلى أحد المدرسين فيأخذ عنه بعض ما عنده من العلم في بعض الفنون ، ويشعر الطالب في بعض الأحيان أن ما عند هذا الشيخ في تخصص ما لا ينقع الغلة، ولا يروي الصادي فيتجه إلى شيخ آخر يلتمس ما عنده ، وهنا يشعر الأستاذ الأول أن ما فعله هذا الطالب فيه نوع من إساءة الأدب وعـدم الـوفـاء بـل قـد يشعر أن هذا الطالب يوحي بأن ما عند الشيخ في هذا الفن ضئيل الفائدة وحينئذ يبدأ تقطيب الوجه ، والتصريح والتلميح والإشادة بأقران ذلك الطالب الذين يمثلون الأدب والوفاء والعبقرية ، ثم تكون الجفوة والقطيعة....
ونحن الآن في زمان ترك فيه الحلاق الحجامة ، وقلع الأضراس ، وترك فـيـه الطبـيـب الفلك والحساب بل إن إحاطة المرء بكل فن من الفنون صار متعذراً نظراً للتراكـم الـثـقـافي العظيم ، والانفجار الهائل في المعلومات.


وهذا الداء قديم عندنا ، وما لم تحرر النيات لله تعالى فستقطع رحم العلم ، ويحل الجفاء موضع الدعاء ، والإزورار موضع التزاور. وكم تخـتلف الصورة لو أن هذا الأسـتـاذ أرشـد تلاميذه إلى أولى الاختصاص ليفيدوا منهم إذا لـقـارضه الـثـناء الأسـتـاذ الآخـر ولاتصلت الأنساب العلمية وأثريت الحياة الثقافية ، وقبل هذا وذاك حصول الالتزام بمنهج لله تعالى الذي لا يرضى لعباده التباغض والتحاسد وبخس الحقوق...


والخلاصة أن هذه الآية الكريمة مما عطل به العمل عند كثير من المسلمين ، ونشأ عن هذا التعطيل مرض اسمه: (عمى الألوان) ولكنه في البصيرة دون البصر ، فأطفئت ألوان كثيرة لا تكاد تحصى كانت تتوهج بين الأبيض والأسود ، وكثر النمط الذي يقرظ بـ: (وحيد دهره وفريد عصره) .


11-28-2005, 08:01 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
دعوة لاستماع محاضرات د.عبد الكريم بكار .........الذي له فضل كبير في الصياغة الحديثة للعقل المسلم . - بواسطة داعية السلام مع الله - 11-28-2005, 08:01 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  موضوع : غير المسلم في القرآن + حوار مع الاخت "سوسنة الكنانة" حول الموضوع .. الــورّاق 0 577 04-18-2013, 10:35 AM
آخر رد: الــورّاق
  دعوة الأعضال للتصويت في مسابقة أفضل المدونات العربية زيني عبّاس 0 668 04-03-2012, 01:45 PM
آخر رد: زيني عبّاس
  كيف يصنعون الأزمنة الحديثة ؟ بهجت 21 5,396 01-04-2012, 06:22 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  من أجل مصر .. المسلم و المسيحي .. لا للطائفية و التمييز .. بهجت 40 13,827 11-06-2011, 11:01 PM
آخر رد: Rfik_kamel
  مشاريع ناجحة جدا ولا تحتاج الى رأس مال كبير تغنيك عن الوظيفة فريدةالعنتبلى 2 1,729 10-23-2010, 07:30 PM
آخر رد: vodka

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS