يقال "كي تصدق اكذب شي كذبة بتتصدق" , لو أن هذا الهسام أتى و قال أنه كان يكذب أمام اللجنة لأنه تلقى مالاً , أو تهديداً أو رغبة منه بالاحساس بالاهمية و اكتفى بذلك لكنا قلنا "فيها و ما فيها" . و لكن يبدو أن غباء من لقنه ما يقوله و عجرفتهم و عدم احترامهم لذكاء الناس جعلهم يزيدونها كثيراً , و يجعلون من الصعوبة علينا تصديقه.

من يصدق أن "عميل المخابرات" هذا رفض مليون و 300 ألف دولار وطنية منه و ذهب ليستجدي لقاء مع فارس خشان ثم يطلب 20 ألف دولار مقابل مقابلة معه في فضائية الفضائح نيو تي في .
و مهنة عميل للمخابرات توحي في العقل السوري ما توحي به من معاني لا داعي و لا مجال لذكرها .

و لماذا لم تبث قناة الجزيرة المقابلة التي أجرتها معه و كيف وصلت للتلفزيون السوري و لماذا ؟

ثم من يصدق أنه أتى و لم تلتق به أي جهة أمنية , و من حضر له المؤتمر الصحفي , هل هي لجنة التحقيق , هل صارت مهمة لجان التحقيق عقد مؤتمرات صحفية لشهودها وماذا عن سرية التحقيق؟

هذا ناهيك عن جملة من القصص الغريبة العجيبة عن مشورته ذهاباً و إياباً إلى المونتيفردي , و لقائه بكل الشخصيات التي انتقدت النظام السوري , هل كان ميليس فاتحاً مضافة لكل من هب و دب , فكل ما كان عليه أن يتصل بالمونتيفيردي و يخبرهم أنه آت لشرب فنجان قهوة .

ثم ماذا كان يفعل أصلاً في لبنان في شهر أيار بعد انسحاب الجيش و المخابرات السورية , هل هذا يعني أن سوريا لم تسحب عناصر استخباراتها كلهم من لبنان ؟

من الناحية السياسية و القانونية فلا أظن أن لـ "اعترافات" الشاهد المقنع المزعوم أية أهمية , بل ربما و على الأغلب سينقلب السحر على الساحر و سيسبب مزيداً من المشاكل و التعقيدات للنظام السوري الذي بدأ يبدو أنه يفتح كل الجبهات عليه في خطوات انتحارية .

المهم بالنسبة لي أن قصة هذا الهسام المفبركة تؤكد ما كنا نخشى منه , و هو أن النظام السوري في طريقه لمواجهة حتمية مع المجتمع الدولي , و هو يحاول أن يكسب ما يستطيع من الشارع السوري و بعض من الشارع العربي المعادي بشكل اعمى لأميركا و الغرب , حتى إذا حانت الساعة و بدأت المواجهة المكشوفة و العلنية يحتمي بهم , كما حاول صدام من قبله الاحتماء بهذا الشارع و فشل طبعاً , و ما نسيه النظام السوري و من قبله النظام العراقي أنهم هم من قتل حيوية و فعالية هذا الشارع , و لا يحق لهم اليوم أن يحاولوا استخدامه و لا توريطه معهم , و لا أخذه رهينة لهم ... و لن يستطيع هذا الشارع أصلا أن يحميهم أو يرد عنهم ما جنوه على أنفسهم و شعوبهم .