أمانة دكتور
خالد القشطيني

علاقة الاطباء بمريضاتهم علاقة شائكة، فالمعروف سايكولوجيا ان الكثير من المريضات يقعن في حب طبيبهن، ولم لا وحياتهن ومستقبلهن في يده؟ وكثير من الاطباء ايضا يقعون فريسة لاغراء المريضة الجميلة التي يتولى فحصها. انها مشكلة وغالبا ما تفجرت عن فضيحة او جريمة. كان من آخرها سحب اجازة طبيب بريطاني لوقوعه في هوس التفرج على الاعضاء التناسلية لمريضاته، لا تأتيه واحدة تشكو من وجع في اسنانها او التهاب في اذنها الا وقال لها انزعي لباسك لافحصك.
تقدم الدكتور جون رزاك قبل بضعة ايام بطلب الى المجلس الطبي البريطاني لشطب اسمه وسحب اجازته من ممارسة الطب بسبب عجزه عن مقاومة اغراء مريضاته والدخول في علاقات جنسية معهن. قال في عريضته «انني اعاني من خلل في شخصيتي يجعلني غير مؤهل لتحمل مسؤوليتي وثقة الناس بي» بالطبع اتوقع من الكثير من القراء ان يتساءلوا وما الخلل في ذلك؟ ولبى المجلس طلبه وشطبه من قوائم الاطباء. لا ادري ماذا سيعمل. ارجو الا يشتغل مدربا لتعليم السباحة او سياقة السيارات للنساء.
ولكن امانة هذا الطبيب تلفت النظر وتستوجب الاعجاب. ولا اسوق هذا الكلام لفائدة اطبائنا، وانما لفائدة ساستنا واساتذتنا وكل العاملين عندنا والساهرين على شؤوننا. بالطبع انا لا اقصد او اطالب رجل الدولة المسؤول ان يستقيل بسبب وقوعه في اغراء سكرتيراته، ولكن من الواجب ان يحتذي بأمانة ذلك الدكتور بالنسبة لاموال الدولة، متى سنسمع عن وزير يحضر مجلس الوزراء ويخاطب زملاءه ويقول يا جماعة تعفوني من هذا المنصب فانا لا استطيع مقاومة اغراء كل هذه الملايين من واردات الدولة المطروحة امامي من دون ان اسرق منها، حاولت وحاولت مرارا وتكرارا الا امد يدي اليها ولكنني فشلت في كل مرة، ولم يبق لي غير ان التمس منكم اعفائي من وظيفتي وقبول استقالتي بسبب هذا الخلل في شخصيتي وتعيين من هو اقل فسادا في مكاني.
ستكون استقالة فريدة ومشكورة ليس فقط من حيث الاعتراف بفساده، بل وكذلك في ترشيح من هو اقل فسادا منه، مما يدل على حصافة وحسن رأي فهو لا يتوقع العثور على سياسي غير فاسد، المهم ان يكون اقل فسادا منه.
وماذا عن الاعلاميين؟ متى نسمع عن صحافي او تلفزيوني يقدم استقالته ويقول انه لا يستطيع مقاومة الاغراء على الكذب او طلب الشهرة على حساب المصلحة العامة وارواح الناس الابرياء. متى يعترف ويسلم قلمه لرئيس التحرير ويقول آسف، اعفني من هذه الوظيفة فأنا اعاني من خلل في الشخصية يجعلني اكذب دائما ولا اميز الحق من الباطل؟
ومتى نسمع عن شاعرة واديبة تعتذر لجمهورها وتقول آسفة لا استطيع مقاومة اغراء الشهرة واستئجار اقلام الكتاب الغلابة ليكتبوا لي وباسمي. ارجو السماح لي بالانسحاب والتواري وقضاء بقية حياتي انشطح على بلاجات الرفيرا وحدائق ريجنت بارك؟