مدح احدهم رجلا أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقال له عمر :

أتعرفه ؟

قال : نعم .

قال : أتعاملت معه في الدينار والدرهم ؟

قال : لا !

قال : لعلك رأيته يصلي ويهز رأسه هكذا ...........


................


هذا الحوار القصير يصل حاضرنا بماضينا حقيقة . حيث ان مجتمعاتنا اليوم تموج بانعدام الضمير . وغياب تقوى الله سبحانه وتعالى , وهناك عبارة مشهورة عندنا في مصر تقولها العامة ازاء من لايستحق الوصف بالامانة :

( ياعم ده ياكل مال النبي ) !

والحق ان مجرد وصف شخص بالصلاح الظاهري لايكفي في التعامل معه واعطائه الامان التام , وهذا يقوله عمر بن الخطاب ذو الشخصية العملاقة الساحرة الناضجة , منذ الف وخمسمائة سنة .

هناك نقطة ايضا نتعلمها من هذه الرؤية العمرية :

ان الطعن في شخص ما من المسلمين لايعني ابدا الطعن في الاسلام نفسه !

فالمرء الواحد يجتمع فيه خير وشر , حق وباطل , وهو في صف الغالب عليه منهما كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية .

وأنا أعجب كثيرا حقيقة من ربط الكثيرين مسلمين ونصارى وملاحدة وعلمانيين من الربط بين موقف شخص مسلم ايا كان بموقف الاسلام نفسه , يقول لك : باأخي هذا مسلم ! ولو كان الاسلام غير ذلك لما فعله !

سبحان الله على التفكير الغريب , وكأن هذا المسلم أو اي مسلم هو الحارس الامين أو الممثل السامي لهذا الدين !

كما أن هناك نقطة مهمة يندر أن تخطر على بال مسلم من شباب الصحوة اليوم :

ان طعن كثير من المفكرين والمثقفين في الجماعات الاسلامية لايعني ولايستلزم طعنهم في الاسلام نفسه . لانهم ينقدون تصرفات معينة لاتجاه معين من اتجاهات المجتمع بغض النظر عما يراه هذا الاتجاه عن نفسه من انه يمثل الاسلام او لا .

وكثير من هؤلاء المفكرين - وان كانوا قلة بين المجموع - له عاطفة اسلامية صادقة تشعرها من بين طيات كلامه ولا يستلزم ذلك رميه بالكفر والزندقة .

كما ان هناك نقطة هامة جدا من مباحث علم العقيدة تقول :

ان هناك فرق بين تكفير النوع وتكفير المعيّن بالنسبة لغير الكافر الاصلي .

يعني ايه ؟

يعني : عندما نقول مصطفى محمود أنكر الشفاعة . هل يكفر بذلك ؟

لا أنا ولا أنت نحكم عليه لابكفر ولا بردة الا اذا جلس معه احد العلماء وناقشه في ذلك واقام عليه الحجة من الكتاب والسنة والاجماع , وفنّد كل شبهة عنده , وقصة طويلة من انتفاء التأويل والجهل والاكراه ليس هذا محل نقاشها الان ...............فان أصر على موقفه كان لاهل العلم الحكم بردته حينئذ , وهذا كما ترى قليل وغير حاصل ..........وعليه :

فالحكم بالتكفير من عدمه ليس لاحد من الناس ولا لأي مسلم الا العالم فقط .

ودمتم .

(f)