اقتباس:  الختيار   كتب/كتبت  
عزيزي لوجيكال

حين كتبت مداخلتي السابقة و وضعتها لم أكن أعرف بمداخلتك

عزيزي

هلا تروّيتَ قليلاً و قللتَ من حدتك و تركتني أوضّح أفكاري حول هذا الإله الغائب ؟؟

يا ختيار،

أنا كنت deist لمدة سنتين و كنت على تواصل مع حركة معقولة الحجم على الانترنت في اميركا تعتقد بوجود هذا الإله الغائب. على فكرة، الـ deism ليست فكرة جديدة، بل هي فكرة قديمة ظهرت اثناء طور التنوير في اوروبا و اعتنقها الكثير من المفكرين و الفلاسفة الذين رفضوا الدين و تمسكوا بفكرة الإله الغائب، و كانت هذه الفلسفة في النهاية عبارة عن جسر الى الالحاد، حيث رفض هؤلاء الإله اخيرا.

أحد أهم الكتب في القرن الثامن عشر بالنسبة للموضوع هو Age of Reasonالذي كتبه أحد الثوار الامريكيين و مؤسسي الدولة الاميركية Thomas Paine يهاجم فيه المسيحية هجوما لاذعا، و في نفس الوقت يروج لفكرة الإله الغائب، و هذا الكتاب بات انجيلا لتابعي هذه الفلسفة في اميركا اليوم.

بالنسبة لكلامك، يبدو لي أنك تضع هذه الفكرة و كأنك تملأ بها الفراغ بشكل مؤقت، و كأنك تقول، "نريد ان نؤمن بوجود إله و السلام." و هذا ناتج عن حاجتنا لحل ميتافيزيقي. و هذا كلام غريب لأن الحلول الميتافيزيقية كثيرة.

من ناحية عاطفية، أنا شخصيا لا أجد أي اشباع في إله غائب، لا يحل و لا يربط، وجوده مثل عدمه، لا معنى له و لا طعم و لا قيمة. و إله المسيحية او الاسلام هو أكثر جاذبية و معنى للبشر من الإله الغائب. أما التناقضات و المشاكل و الشطوحات، فطالما اننا قبلنا بالشطوحات الميتافيزيقية، فيعني كله مثل بعضه. يسوع أو اللـه او الإله الغائب او كرشنا او فينوس... و لا أحد يعتب على أحد، كلها شطوحات ميتافيزيقية من نفس القيمة و المستوى.

لا أدري لماذا تتصور كلامي على أنه هجوم او غضب. أنا آخر من يغضب على فكرة الإله الغائب. أنا مجرد أعتقد أنك بهذه الفكرة تخسر أحد أهم مقومات العقلانية العصرية: نحن لا نرفض الدين لأنه لا يشبعنا عاطفيا أو لأننا نكره الدين.. المسألة ليست مسألة أذواق ميتافيزيقية، و لكن أنت جعلتها كذلك. و باتت كل الحلول متساوية.