{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
"في مواجهة الإرهاب" - طه حسين : رائد العقلانية /الليبرالية العربية
Mr.Glory غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 484
الانضمام: Jul 2005
مشاركة: #2
"في مواجهة الإرهاب" - طه حسين : رائد العقلانية /الليبرالية العربية
طه حسين: رائد العقلانية/الليبرالية العربية

العميد: و" استرداد" الليبرالية : (2 من 8)

د. عبد الرزاق عيد







في عام 1973 أصدر عبد الله العروي كتابه : "العرب والفكر التاريخي " ، فكان أول صوت احتجاجي على تغرب العرب عن التاريخ من خلال تقصيه وسبره لمنطوق الايديولوجيا العربية المعاصرة التي راحت تتبدى في صيغة أن الشكل الأساسي المطروح أمام الفكر العربي هو الآتي: كيف يمكن للفكر العربي أن يستوعب مكتسبات الليبرالية قبل ( وبدون ) أن يعيش المرحلة الليبرالية ؟
[*] الأمر الذي يتيح القول : إن إخفاق استيعاب المكتسبات الليبرالية هو سبب تعثر المسيرة العربية ... وذلك لأن الفكر العربي لم يستوعب مكاسب العقل الحديث من موضوعية وعقلانية وفعالية وانسية إلخ ..... لكن هذا الاستيعاب مهما تأخر ، سيبقى في جدول أعمال الفكر العربي ، وكلما تشابكت الأوضاع وضعفت فعالية المجتمع العربي ككل ...

والعروي في استقرائه هذا يستند إلى لوكاش في تعليله لنشوء " الفكر النازي في المانيا" ، حيث يركز لوكاش استشهاداته على أن عدم وجود مرحلة ليبرالية في حياة الأمة الألمانية يسبب اخفاق ثورة 1848 – كوّن أرضية انحراف الألمان عن التراث الأوربي العقلاني والأنسي ( أو الانساني ) ، كما أن التروتكسية في انتقادتها للبيروقراطية الروسية والاستبداد الحزبي والفردي كانت تعزو ذلك إلى انعدام تقاليد سياسية ليبرالية في روسيا .[†]

هذه الأطروحة ستشكل نواة الترسيمة النظرية للمشروع الفكري الذي دشنه ياسين الحافظ في السبعينات – كما هو معروف – وقد عبر عن مديونيته لعبد الله العروي بهذه الأطروحة ، لكن ثمة قطيعه مع الميراث الليبرالي العربي منذ تلك اللحظة (الصيحة) في السبعينات التي أرادت أن تنبه – وبوعي مبكر – إلى مأزق المشروع التحرري الوطني العربي بشقيه القومي واليساري ، اللذين التقيا على وأد الديموقراطية منذ ثورة 14 تموز العراقية 1958 ، من خلال الصراع بين الناصرية والشيوعية ، حيث السحل والسحل المضاد ، إذ يغيب التسامح وتدان التعددية وتغدو الحقيقة ملكا لايديولوجيا المصالح ويصبح السجن المكان الوحيد للخصم .

لقد تنبهت تاريخية العروي والحافظ منذ السبعينات إلى واقع التردي باتجاه الاستبداد بسبب الافتقار التدريجي إلى ميرات التنوير النهضوي الليبرالي ، ليعقب هذه الصيحة التاريخانية - مع أواخر السبعينات وفي حقبة الثمانيات- نوع من الاستغراق في ( التراثانية المحدثة) حيث النزوح الجماعي للعقل العربي ( من التاريخ باتجاه التراث ) ، وحيث كل تيارات الحداثة العربية (الابستمولوجيا – الفينومينولوجيا ، البنيوية ، الماركسية ) تستشعر لحظة غياب واغتراب وتضييع للـ(هوية) فراحت تتبارى برثاء الخصوصية والأصالة المفقودة ، والخوف من تلاشي الذات الثقافية ، وضياع الأنا الحضارية للأمة العربية أمام رياح الغرب ، فأتت حرب الخليج الثانية ، الحرب الأمريكية لفرض انسحاب العراق من الكويت ، لتظهر مدى مأزقية المشروع القوموي الشعبوي ، ومدى تردي خطابه (التقنوي) اللفظي ، الشعاري ، الذي يراهن على التسلح السلاح الغربي كسلعة وليس التعويل على الفكر الغربي الذي انتج هذه السلعة ، فصار لدينا عسكر ولم يصر لدينا جيوش ، وصار لدينا طائرات دون أن يكون لدينا طيران ، وأصبح لدينا مصانع ولكن لم تصبح لدينا صناعة ...."[‡]

كما تكشف مدى ذاتية ورومانسية ورغبوية هذا الخطاب وتنفجه وادعاءاته الكاذبة ، إذ يتبدى عن عن مدى عمق الهزيمة الكامنة في نسيجه المتهالك ، إذ لم يستطع أن يتأسس هذا الخطاب معرفيا على التراث الحضاري والفكري للحداثة الفكرية الكونية ، لهذا أتت الصيحة الثانية في بداية التسعينات احتجاجا على تحديث سلطان الايديولوجيا التقليدية من خلال تحول أهداف النهضة العربية باتجاه العكوف والانكفاء على (التراث) بعد الصيحة الأولى في السبعينات ، وكانت هذه الصيحة من خلال استرداد طه حسين بوصفه رائدا للعقلانية العربية كما عبر عن ذلك كتابنا المشترك الذي توقفنا وسنتوقف عنده ، بل وكرائد لليبرالية العربية كما يستحضره كتاب د.شاكر النابلسي (الليبراليون الجدد جدل فكري ) الصادر في هذه السنة 2005 ذكراه ، من خلال اهداء الكتاب إلى "ذكرى رائد الليبرالية العربية : طه حسين " .

يتأسس مفهوم طه حسين للعلاقة بـ (الآخر) ، ليس وفق علاقة مثنوية (فسطاطية) بين داخل (مؤمثل) وخارج (مؤبلس) ، حيث الداخل يشكل الهوية بينما الخارج يمثل الاستلاب ، الداخل يعني الوطنية ، والخارج يعني الاستعمار ، كما آلت إليه منظومة الايديولوجيا القومية عندما استعاضت عن مصطلح (التأخر) النهضوي بمصطلح (التخلف) التنموي ، إذ تبدت –عملية الاستعاضة- تظاهرات فوات حضورنا في الزمان التي تتلاءم مع حضورنا في المكان ، وكأنها تظاهرات تقف عند حدود التخلف عن الركب ، وليس تأخرا حضاريا وتاريخيا عن انتاج زماننا المطابق لمكاننا المناسب المتوضع في قلب العالم الحديث .

فالإنئسار للأجنبي حسب طه حسين- لا يتأتى من التهديد الخارجي فحسب بل ومن الداخل ، فيقول : " فالشعب ليس معرضا للخطر الذي يأتيه من خارج حيث يغير عليه الأجنبي الطامع فحسب ، ولكنه معرض للخطر الذي يأتيه من داخل حين يفتك الجهل بأخلاقه ومرافقه ، ويجعله عبدا للأجنبي المتفوق عليه في العلم " . [§]

هكذا أسس العقل النهضوي التنويري لمفهوم العلاقة بالآخر ، ليس عبر ثنائية التناقض بين الخارج والداخل ، فهذا المفهوم لايتجاوز حدود مفهوم الوطينة الطبييعة ، الجغرافية (الملكية العقارية) ، إذ حتى للحيونات مقاطعات ، مساحات ، وحدود ، وهي بغرائزها الطبيعية تتبادل الاعتراف بـ (الأوطان) على ضوء ميزان القوى ، فكل الحيونات تهاب الاقتراب من تخوم مقاطعة النمور (أوطانها) ، فالجغرافيا بين الشرق والغرب كانت بالنسبة -لطه حسين- هي جغرافيا الروح لا جغرافيا الطبيعة ، وعلى هذا فإن المميز لعالم الإنسان هو العقل ، وقد استوى الانسان انسانا بمزية ملكات العقل والفهم والعلم ، ولهذا فتقسيمات عوالم البشر ، وميزان قوى صراعها ونفوذها ، يجب أن تستند إلى هذه المرجعية ( العقلية وليس الطبيعة الغريزية ) فالعدوان الخارجي إذن ، عدوان داخلي ، والعبودية نحو الآخر ليست في المحصلة سوى عبودية الذات في ذاتها ، وذلك عندما لا تملك ذاتها العاقلة ، العارفة ، العالمة ، عندها ستخضع لعبودية الآخر(المتفوق علميا) ، من خلال عبودية الأنا التي فتك الجهل بأخلاقها ومراففها .

وعلى هذا فإن " الحرية والاستقلال ليسا غاية تقصد إليها الشعوب وتسعى إليها الأمم ، وإنما هما وسيلة إلى أغراض أرقى منهما وأبقى وأشمل فائدة وأعم نفعا "

لقد ساق طه حسين أفكاره هذه سنة 1938 في كتابه " مستقبل الثقافة في مصر " بعد 1936 تاريخ المعاهدة المصرية الانكليزية التي انهت الاحتلال رسميا ، وعام 1937 التي وقعت فيها اتفاقية منترو التي ألغت " الامتيازات " [**] .

وعلى هذا فقد كانت أوربا بالنسبة لطه حسين ، ليست مكانا مغايرا للذات وهي برسم الآخر ، بل هي المنجز الحضاري الكوني للجميع ، حيث ينبغي تجاوز حدود الجهل والتأخر باتجاه فضاءات العلم والتقدم ، فالحدود إذن ليست جغرافية ، بل هي حدود فكرية ، تضع حد التعريف والتمييز بين الجهل والعلم ، التأخر والتقدم ، الاستبداد والحرية ، ومنطلقه في ذلك فلسفة التاريخ والمجتمع التي استمدها من ابن خلدون ومن مفكرين فرنسيين (كونت رينان ، دوركهايم، أنا طول فرانس) وعماد هذه الفلسفة " إن الحضارة هي غاية البشرية " وعلى هذا كانت أوربا تمثل لطه حسين حضارة العالم الحديث ، وأنه من الوهم الآثم والشنيع ... تصور أنا خلقنا من طينة غير طينة الأوربي ... ومنحنا عقولا غير العقول الأوربية ... ولذلك ينبغي أن تكون لدينا الثقة بالنفس والعقل لأن " نسير سيرة الأوربين ونسلك طريقهم ولنكون لهم أندادا ولنكون لهم شركاء في الحضارة ... خيرها وشرها ، حلوها ومرها "[††]

وعلى هذا فقد كان الغرب لطه حسين – حسب البرت حوراني – هو الغرب الليبرالي الديموقراطي الصناعي ، الذي ينبغي امتلاك تفوقه لدفع شر هذا التفوق الذي تبدى في الظاهرة الاستعمارية .

تأسيسا على هذا الفهم لعلاقة الداخل بالخارج ، كان العميد سباقا لإلتقاط المسألة الأساس في ظرف الاستعمار الجديد حيث لا حاجة للجيوش والأساطيل ، بل لقوة السلعة والرساميل ، ومن هنا ليس ثمة ملاذ من العبودية والتبعية إلا لأولئك لدين أخذوا بـ " الأسباب الحقيقة للاستقلال " " فيقدم اليابان مثالا على من استوعب درس الاستقلال والسيادة ، بعد الهزيمة المروعة التي عاشتها ، فتمثلت هذه الهزيمة ردا حضاريا : تنمويا ، تقنيا ، سياسيا (ديموقراطيا) وثقافيا في تمثل المنجز الحضاري الكوني الذي تنخرط فيه ذات الأمة بكل خصائصها التاريخية ، دون خوف على عذراوية الهوية و بكارة الأصالة والخصوصية ، فلا أصالة ولا هوية مع الانكفاء البائس على ذات عازفة ، مقرورة ، متكهفة خائفة من تيارات هواء العالم واستحقاقته التاريخية .

ليؤسس منظوره التنويري النهضوي هذا ليس على الفكر الغربي (كونت ومنتسكيو) فحسب ، بل على ابن خلدون الذي سبق مونتسكيو إلى اكتشاف " مبدأ الجبر التاريخي " حسب العميد في كتابه ( فلسفة ابن خلدون الاجتماعية[‡‡]) واستناده إلى قانون ابن خلدون حول ( التشابه والتباين ) حيث التباين المتصل بخصوصية المجتمعات البشرية والشعوب من حيث الأسباب الطبيعية والجغرافيا والاقتصادية والسياسية )، لا يتناقض مع قانون التشابه إذ جوهر هذا القانون هو الوحدة العقلية للجنس البشري [§§] ، وعلى أساس هذا القانون سيكتشف العميد النزعة الإنسية عند ابن خلدون ، وعلى هذا الأساس أيضا ستتكشف هذه النزعة الإنسية في منظور ورؤية طه حسين للمجتمع والانسان والأدب والثقافة .
--------------------------------------------


[*] - عبد الله العروي – العرب والفكر التاريخي –ص 45

[†] - عبد الله العروي – العرب والفكر التاريخي – المركز الثقافي العربي ط3 – 1992 – ص45-46

[‡] - الهزيمة والايديولوجيا المهزومة – ص217

[§]- مستقبل الثقافة في مصر ص 128

-[**] ألبرت حوراني – الفكر العربي في عصر النهضة - ص332

[††] - مستقبل الثقافة ص 41 -42 -45 عن البرت حوراني- ص335

[‡‡] - فلسفة ابن خلدون الاجتماعية – سبق ذكره – ص44.

[§§] - المصدر السابق – ص46
12-02-2005, 07:46 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
"في مواجهة الإرهاب" - طه حسين : رائد العقلانية /الليبرالية العربية - بواسطة Mr.Glory - 12-02-2005, 07:46 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  عوامل مساعدة لانتشار الإرهاب فارس اللواء 1 484 07-05-2014, 03:09 PM
آخر رد: Rfik_kamel
  الحل الثالث : الليبرالية الاجتماعية الجواهري 0 570 09-10-2013, 02:45 PM
آخر رد: الجواهري
  إعلان السابع من مايو “يوم الليبرالية” الأول في السعودية .. بسام الخوري 1 849 05-08-2012, 02:32 AM
آخر رد: بسام الخوري
  دور العقلانية الإسلامية في إعادة صياغة الوعي الثوري فارس اللواء 3 1,149 03-02-2012, 09:09 PM
آخر رد: فارس اللواء
  عن العقلانية .. الــورّاق 0 734 12-22-2011, 04:57 PM
آخر رد: الــورّاق

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS