مع الأخذ بأن فنان الكاريكاتير هو انسان كباقي الناس يتفاعل ويتاثر وبالتالي يؤثر عبر تعبير مخصوص بتقنيات محددة ومعلومة، ومختلفة بالغالب عما اعتاده الغالبية، إذ أنه يُنطق الخط واللون في سبيل إيصال فكرة ما او تسليط الضوء على قضية ما .. لا يمكن لنا أن نتعاطى مع انتاجه "الفني" الا من منظار بيئته الاجتماعية، وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على خلفيته التي تنبع منها نظرته العامة، ويستقي منها فنه وأسلوبه .. وهذا لا يلغي حتما أن نحمل رسمته على قضايا أخرى ما فوق بيئته .. فالعالم على ما هو معروف قد بات قرية صغيرة .. ولكن مع هذا فالرسم الكاريكاتيري بالتحديد .. يلزم أساسا - وأكرر - بأخذ خلفيته الثقافية والاجتماعية بعين الاعتبار .. هذا أولا

ثم ولمزيد من التفصيل بتاويل لوحة الكاريكاتير .. فلا بد من قياس الموضوع على اعتبار الاسلوب الذي يجد الفنان نفسه به .. فعلى ما أرى في مداخلة العزيزة العربية أن الغالبية قد أخذوا حيز التخمة والسمنة في لوحة الفنان الكوبي أريس .. والواقع أن الامر يتطلب بحد ذاته مزيدا من الدقة، فمن يطلع على لوحات الفنان أريس الاخرى، يجد أن فنه الكاريكاتيري- وعلى ما هو معلوم ان الكاريكاتير يقوم على تكسير الملامح دون محوها - يميل بغالبيته الى إخراج موضوع اللوحة بهيئة تميل الى الضخامة في الحجم .. والتي تظهر بشكل سمنة ان كان الرسم يتناول بموضوعه لا بفكرته فقط البشر .. هذا ثانيا

ثم إن أتينا الى اللوحة المحددة أعلاه، لوجدنا انها بمحل التأويل تميل الى الجانب غير المحدد (بكسر الدال) للفكرة تحديدا متكاملا لا يقبل اللبس، وهو مدرسة قائمة في عالم الكاريكاتير، تشمل على الاغلب تلك اللوحات الصامتة التي لا وجود لنصوص اللغة فيها، ومع الاخذ ان اللوحات الفاقدة للنص اللغوي تعتبر في عالم الكاريكاتير هي الاصلح والأقوى، غير انها في أحيان كثيرة تقع في اشكالية التأويل، وهو ما لا نقع فيه باللوحات التي يظهر فيها الكلام، اذ ان الكلام بلوحة الكاريكاتير يظهر تماما فكرة الفنان من وراء اللوحة، مضافا بالطبع لتقنيته المعتمدة..

بهذا وعليه، ولما أن توافر في اللوحة تلك التقنية التكسيرية للشكل التي تميل للسمنة، ومع وجود الصليب (اي الدين) باعتبار ان الغالبية الساحقة في البيئة الاجتماعية التي نتجت عنها هذه اللوحة من اتباع الديانة المسيحية، ومع وجود تلك الخلفية التي انتجت اللوحة مضافا اليها التقنية التي اسلفت ذكرها، يمكن القول ان الجميع على حق باستقرائهم للوحة، كما وأن الجميع قد يجانبوا الصواب باعتبار ما اراده الفنان من ورائها، وما يعزز الامر ان اللوحة متجاوزة للكلام، ودلالتها تقع بحيز التقنية والشكل واللون ..

وعليه فأنا أميل - ولا أدعي ان رأيي هو الصواب - إلى انها تركز على دور الدين في حرمان المرأة من حقوقها الانسانية ، وحشرها في المطبخ على ما قالت العربية السعيدة ..

تحياتي
(f)