البحرين: أعمال العنف والحصاد المرّ

فوزية رشيد

ليس العنف فقط أن يتم قذف سيارات للشرطة بالمولوتوف وإحراقها، وهو مما ينبئ عن تحول نوعي في مجريات المسيرات وهو مما لا يطمئن المواطن مرة أخرى حول أنماط التصعيد والمواجهات العنيفة مهما كانت المبررات خلفها، ولكن أشكال العنف المتعددة التي تنامت في مجتمعنا الصغير ولم يتم ردع القائمين عليها وإنما التساهل معهم وإطلاق سراحهم ودائما لأن الأدلة غير كافية، أو لأن الفاعل مجهول! تلك الأعمال التي تنامت في السنوات الأخيرة مثل سرقة البيوت وسرقة المحال والاعتداء على مواطنين أبرياء وانتشار المخدرات ثم الإفراج عن مروجيها لعدم كفاية الأدلة وغيرها كثير، فهي جميعها تقع في إطار منظومة العنف وصولا إلى المواجهة مع رجال الأمن بالحجارة والمولوتوف وبعيدا عن المبررات التي قيلت حول أسباب قيام مسيرة غير مصرح بها قانونيا.

إن التساهل في ردع قضايا العنف المجتمعية وعدم التمكن من تحقيق (الأمن الاجتماعي) هما المدخل الطبيعي لتصعيد أنماط العنف المختلفة في المجتمع، حيث شكوى المواطنين الذين يتعرضون للسرقات أو الاعتداء كثيرا ما كان يتم تجاهلها، أو عدم اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة لها، وبالتالي فإن (مزاج العنف المتصاعد) هو الحصاد المر الطبيعي لذلك. كتب كُتاب كثيرون حريصون على مصلحة هذا الوطن بالالتفات الجاد من جانب وزارة الداخلية إلى تحقيق (الأمن الاجتماعي) لأن الديمقراطية والإصلاح لا يعنيان بأي شكل من الأشكال التسيب الأمني في مواجهة قضايا تمس حقوق الأغلبية المطلقة من المواطنين، لذلك فاليوم فإن الحريق وصل إلى الداخلية نفسها، وباتت المواجهات العنيفة ضدها مجرد شكل آخر أو تصعيد آخر، لما لم يتم التعامل مع أشكاله الأخرى بجدية خلال السنوات الماضية ولسان حال المواطن يقول: - لقد تم تجاهل الكثير من القضايا التي كانت تهددنا وتهدد بيوتنا وسياراتنا ومتاجرنا وأمننا الشخصي والآن تحصد الداخلية الآن ثمار التسيب الأمني وعدم الردع القانوني المتناسب مع حجم ما كان يفعله البعض فذلك هو الحصاد المر الذي سنجنيه معا من الآن وصاعدا.

وهذا الشباب الضائع بين إعلام أفلام تغرس العنف بشكل يومي متواصل، إلى جانب أحداث دموية في البلدان القريبة ومواجهات صاخبة، إلى جانب ما توفره الأجواء الداخلية من انتشار فادح للمخدرات، ناهيك عن ظروف معيشية صعبة مع عوامل نفسية واجتماعية وطائفية وسياسية أخرى تلعب دور المحرض، جميعها تجتمع لتلقم بعض العقول بمسببات العنف التي تبدأ من سرقة البيوت وسرقة المحال التجارية والاعتداء على أشخاص آمنين بالسكاكين، فإذا لم يجدوا ما يردعهم استمر غيرهم حتى الاعتداء على رجال الأمن بالمولوتوف، مما يجعل من الظاهرة بداية لانفلات نوعي في العنف والمواجهة والتسيب ربما يؤسس لها آخرون خلف الستار لتكتمل بها صورة (الفوضى الخلاقة) التي بدأت ببعض الدول العربية وحتما يراد لها أن تنتشر في أغلبها! أعتقد أنه آن الأوان ليقف التسيب الأمني تجاه (الأمن المجتمعي) أولا وفي إطار القانون لنتمكن بعد ذلك من إيقاف أشكال العنف الأخرى، التي من الواضح أنها مرشحة للتصاعد في حال عدم التعامل القانوني الرادع لها، فالنار الكبيرة تبدأ عادة بمستصغر الشرر، وجذوة النار مضى عليها الآن عدة سنوات من دون معالجة جذرية، أو ردع قانوني حقيقي سواء للسرقات أو المخدرات وصولا إلى أحداث أخرى نوعية.

فوزية رشيد
كاتبة يسارية

http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO...=151007&Sn=CHNG