وماذا عن هتك عرض الوطن..؟!!

محمد المحميد

بالطبع لا أحد يقبل الاعتداء على كرامة أي مواطن، وبالتأكيد لا يوجد إنسان لم يتقزز من حكاية العبث بعرض أي شخص أو التعدي الجنسي عليه، ولكن بالطبع أيضاً لا يعقل أن يكشف تقرير الطبيب الشرعي عن عدم وجود أي أثر لحالة الاعتداء الجنسي، ويصر البعض بأن هناك حالة اعتداء جنسي وهتك لعرض المواطن، مما يجعلنا في حالة شك منطقية في أصل الحكاية بأكملها، ونرسم علامات استفهام كثيرة، ولنا في التاريخ والأحداث السابقة عبرة وموعظة.

وأمام هذا الوضع، وحيال هذه التطورات فأمامنا عدة احتمالات: إما أن هناك تزييفا للحقائق وتجاوزا من الجهات الأمنية لإهانة كرامة المواطن والمجتمع، ولا بد لهذا التجاوز من قرارات حازمة، وإما أن هناك حكما مسبقا صدر، وسيناريو حيكت خيوطه من قبل، وقضية دبرت بليل، ويراد منا أن نتعاطف معها، ونسوّغ لها صفة الشرعية، وإما أن هناك ظلما فادحا واقعا على الجهات الحكومية سببه عدم ثقة البعض في التقارير الطبية الرسمية، وبالتالي أصبحت المطالبة اليوم بتقرير محايد على غرار «تقرير ميلس« للفصل في القضية هي الحل الأنسب، بالرغم من أن هناك توقعا بأن التقرير المحايد متى ما جاء متوافقاً مع تقرير الطب الشرعي الحكومي وأكد عدم وجود أثر لحالة الاعتداء الجنسي فلن يُقبل به أيضاً، وستستمر حالة الشك، وتداعياتها الخطيرة..!! إنه في الوقت الذي تقوم فيه الدولة بتدشين مشاريع إصلاح سوق العمل وتوفير فرص التوظيف، وإقامة الحوارات المتخصصة في الاقتصاد والتعليم وغيره، وفي الوقت الذي يتم فيه تدشين برلمان الشباب، استمراراً للمسيرة الديمقراطية وتواصلاً في بناء المشروع الإصلاحي، يخرج لنا من يحاول جاهداً عرقلة المسيرة، وتشويه البناء.. وحيث ان الرؤية حتى هذه اللحظة غير واضحة من تلك الحكاية، ولا يستطيع أحد أن يجزم بحقائق الأمور، بالرغم من أن الوضع قد بدأت تتضح بعض معالمه وتنكشف بعض أسراره، إلا أن ثمة أسئلة واجبة الطرح والتداول الآن وهي: * هل الواقع الحالي يسمح للجهاز الأمني بالقيام بمثل هذه التصرفات والأفعال المرفوضة قانوناً وأخلاقاً؟ * لماذا أصبحنا نعيش ظاهرة التعاطف مع الأشخاص والجهات في الأحداث وفق المعيار المذهبي أكثر من المعيار الوطني؟ أي التعاطف على طول الخط مع أي شخص أو مجموعة أو جهة من نفس الطائفة حتى لو قامت بأعمال ضد القانون؟؟ فأين هو الإنصاف والموضوعية التي ننادي بها؟؟ * ما الرابطة والعلاقة بين مثل هذه الأحداث التي تقع من كل عام وفي هذا التوقيت بالذات مع استعدادات الدولة للاحتفالات بالعيد الوطني؟ * هل أدركت وزارة الداخلية الآن أنها تجني ثمار صمتها وسلبية أدائها في الفترة الماضية في التعامل مع التجاوزات والخروقات التي كانت تحدث في المسيرات والتظاهرات؟ * صرحت وزارة الداخلية أنه في حال ثبوت واقعة الاعتداء على المواطن فسوف تتخذ الإجراءات الصارمة، كما قامت الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الإنسان وبعض الشخصيات الحقوقية والدينية بالتنديد والاستنكار والمطالبة بمعاقبة الجناة، ولكن ماذا ستفعل الوزارة؟ وكيف ستتصرف تلك الجمعيات والشخصيات لو لم تثبت حالة الاعتداء؟؟ * هل هذا الأسلوب وهذه الأعمال تأتي ضمن أجندة لما أعلن عنه في السابق بما يسمى بحركة «حق«؟ * ألا يعي البعض أنهم بمثل هذه التحركات والخروقات للقانون يعطون مبرراً وتأييداً واضحاً لمن ينادي بأهمية عودة قانون أمن الدولة، أو أي قانون آخر؟ * هل ستُلام الدولة وأمام هذا الوضع لو أنها لجأت للأسلوب والنهج الذي اتخذته جمهورية فرنسا وبريطانيا في مواجهة الأحداث التخريبية هناك؟ * إذا كان هتك عرض مواطن يعد جريمة، فماذا نسمي هتك عرض الوطن؟ إنها دعوة مفتوحة لإشغال الفكر والعقل، وتحريك الساكن من الطبائع الموروثة في التعامل مع الأحداث والتطورات، لو كنا حقاً ننشد الإنصاف والموضوعية، وندعي حب الوطن.. ولنا عودة للموضوع في الأيام القادمة.

محمد المحميد
كاتب إسلامي

http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO...=151083&Sn=RYTH