مطالبات بالتحرك السلمي وعلاج البطالة والتحقيق في «التحرش» في خطب الجمعة أمس
الوسط - محرر الشئون المحلية
تركز حديث خطباء الجمعة في البحرين يوم أمس على مجريات الحوادث الأخيرة التي عاشتها المملكة.
ففي خطبة الجمعة بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، وصف خطيب الجمعة الشيخ عيسى قاسم الوضع الاخير بأنه «حدث لا يجوز لحكومة ولا شعب تجاوزه، وتساهل الحكومة لو حدث فيه رضا به، وإقرار له، وإعلان لحال من أصعب حالات التدهور الأمني والخلقي والقيمي والديني».
وعما توارد من أنباء التعرض لعضو لجنة العاطلين، أضاف قاسم «سيقال بأن المسألة تحتاج إلى تحقيق، ولا يصح البناء على الدعاوى فحسب. ولا أحد يعترض على مثل هذا القول، ولكن التحقيق المطلوب هو تحقيق محايد ونزيه وشفاف وهذا لا يتم إلا أن يكون مشتركاً أو من جهة ثالثة محايدة تماماً». مطالباً الحكومة أن «تسد باب هذا المنزلق الخطير والشر المدمر بملاحقة المسألة ملاحقة جدية وتوقيع العقوبة الصارمة في حق الفعلة وأصحاب القرار بهذا المنكر القبيح أياً كانوا».
من جهة أخرى، تحدث قاسم عن قضية العاطلين ولفت إلى انها «ستبقى سبب إثارة مستمرة وقلاقل متصلة وإرباك للساحة ما لم تتجه الإرادة الجدية لمعالجتها. والعلاج كما يتطلب خططاً على المستوى المتوسط والبعيد يتطلب كذلك حلولاً عاجلة سريعة تخفف من ضغط الظاهرة، وتحد من تفاقمها عن طريق الضمان ضد التعطل وتوظيف أكبر عدد ممكن من العاطلين فوراً والدخول في حوار وتفكير جاد وهادئ مشترك بين طرف العمال ممثلين في لجنة مختارة، والطرف الرسمي، والعمل الفوري على معالجة قضية تدني الأجور، وتوقيف مظاهر الاحتجاج والفعل ورد الفعل الداخلين في دائرة التوتر».
وأشار قاسم إلى انه «لا يمكن لنا أن نساعد على تبادل التصعيد أو نرضى به، وأن تتجه الساحة إلى ما يخرج عن كل الحسابات والتوقعات، وأن تسقط الساحة في نار فتنة كبرى مشتعلة تلقن كل الأطراف دروساً قاسية مرعبة». ولفت قاسم إلى انه في الوقت الذي يقف مع «جدية الحل من جانب الحكومة، واحترام كرامة الإنسان وأمنه وشرفه» فإنه بالمقابل «مع أساليب التعقل عند شبابنا المحترمين، وعدم السماح لغلبة العاطفة، ولأي مبادرة من هنا أو هناك أن تحكم الساحة، ولأي نداء أن يستقطبها استقطاباً انفعالياً غير مدروس ولا خاضع لحسابات المصلحة السياسية وأحكام الشريعة». وأثار قاسم من جانب آخر مشكلة ما أسماه بـ «المفتون الجدد» منتقداً الفتاوى التي صارت تملأ الساحة في موضوع الأحوال الشخصية ومسائل السياحة وغيرها، وقال: «أنا لا أكون إسلامياً بحق، ولا استحق هذا الوصف مطلقاً، وإن كنت أعمل في ميدان العمل الإسلامي إذا كنت أفتي وأنا لست أهلاً للفتوى». وبعد انتهاء صلاة الجمعة طرح قاسم ملاحظة بين فيها ان «حق التظاهر إنكاراً لمنكر، أو تأييداً لمعروف، أو مطالبة بحق مهدور لاجدال فيه ولامراء، ويلزم أن يكون ضمن الضوابط الشرعية، وحسب مقتضيات المصلحة، والحسابات الموضوعية الدقيقة، ولا يأتي استجابة انفعالية فحسب، ولا يكون بأمر أي آمر. وكلما وجد طريق قانوني مشروع للتعبير الكافي استغني به عن الطريق غير القانوني».
وقد تناول خطيب الجمعة في جامع الحياك في المحرق الشيخ حسين النجاتي الحوادث الأخيرة التي شهدتها البحرين في خطبته، ووصف تلك الحوادث بالمؤسفة، و قال النجاتي «لقد شهد البلد في الأسبوع الماضي حوادث مؤسفة من التعدي على عرض أحد الشباب (كما جاء في المصادر الخبرية)، إلى حوادث الشغب التي حصلت هنا أو هناك»، وانتقد النجاتي ما أسماه «تصريحات البعض بإلقاء اللوم على طرف يستنفع من تلك الحوادث»، سائلا: «هل يعلم هؤلاء عن جوع الناس وفقرهم، وهل يعلمون ان قسماً من العاطلين كيف يقضون ليلهم ونهارهم من ألم الجوع».
وأكد النجاتي عدة أمور لخصها في إدانة الاعتداء على العرض ورفض العنف والحل السريع للبطالة والتخوف المستقبلي، مبيناً ان الحل مسئولية الجميع. وأوضح ان «الاعتداء الحاصل على عرض الشاب ( كما جاء في المصادر الخبرية) هو عمل ندينه ونطالب العدالة بأن تقوم بدورها لإحقاق الحق ومعاقبة المعتدي». وقال النجاتي «إننا نرفض أعمال الشغب والعنف سواء كانت صادرة من قوات الأمن أو المتظاهرين والمعتصمين، فإن ذلك يضر بأمن البلد، ويضر باقتصاد البلد وحركة الاستثمار فيه، وبسلمية التحرك والاعتراض، مع أن المحافظة على هذه العناصر الثلاثة ضروري تماماً، فأمان البلد مصلحة للجميع، ومنطق العنف مرفوض اليوم رفضاً دولياً»، والوصول إلى الأهداف الحقة والعادلة يجب ان يكون بالوسائل الأكثر إيجابية وفائدة، كما ان عنف قوات الأمن مرفوض، ولا شك في أن قوات الأمن يمكنها معالجة هذه المواقف من دون عنف، بصبرها وتحملها وحكمتها وعدم انفعاليتها في التعامل مع الحدث».
ونصح النجاتي المتظاهرين بعدم العنف حفاظاً على العناصر الثلاثة السابقة. مؤكداً ضرورة «تحرك الحكومة لحل مشكلة البطالة بشكل جاد وسريع»، ومطالباً جميع الجهات أن تتحمل مسئوليتها في هذا الاتجاه.
من جانبه، تحدث خطيب الجمعة في جامع طارق بن زياد في المحرق الشيخ صلاح الجودر عن الحوادث التي تشهدها البحرين موضحاً «إن المسيرات والاعتصامات حق مشروع كفلها الميثاق والدستور والمواثيق الدولية وخصوصاً عندما تعبر عن قضايا رئيسية من الإسكان والعمل، ولكن حينما تتضرر مصالح الناس وتتوقف حياتهم اليومية، وتتحول تلك المسيرات إلى مصادمات بين رجال الشرطة والمعتصمين فإن ذلك لا يقبله عقل ولا منطق، ويعتبر ذلك خروجاً على الحق الشرعي بممارسة حرية التعبير». مشيراً إلى «أن الذين يرون التصعيد بأنه الحل لكل القضايا مخطئون في ذلك لأنه لا المعارضة السلبية كانت نافعة ولا المشاركة السلبية كانت كذلك. كما ان التصعيد وتأجيج الوضع الداخلي يدفع إلى عدم الاستقرار».
وقال الجودر: «إنني من منطلق مسئوليتي الدينية والوطنية أدعو إلى الرجوع إلى منطق العقل والحكمة والحوار الهادئ، ومعالجة القضايا بالطرق السلمية».
ودعا رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان العاطلين عن العمل ومناصريهم إلى توقيف النشاطات الاحتجاجية على مزاعم الاعتداء على أحد العاطلين، وانه اتفق مع لجنة العاطلين عن العمل، مساء يوم (الخميس) بشأن ذلك. وانتقد سلمان في خطبة الجمعة في مسجد الإمام الصادق في المنامة خروج عدد من المتظاهرين على رغم إيقاف اللجنة للفعاليات التي كانت تنوي القيام بها في منطقة السنابس «وهو مؤشر على أن هذه النشاطات لا تنتمي للجنة».
وأكد أن الجميع متفقون على الحال السلمية لأي تحرك سواء اتفقنا عليه أم لم نتفق وعدم انجرار التحرك نحو المصادمات. ومن جانب آخر، قال سلمان: «إن ما تقوم به السلطة من زج لأعداد كبيرة للعسكريين لا يوصل إلى الأمن وإنما يزيد من تعقيد المشكلة (...) فالمشكلة يكمن حلها في معالجة أسبابها لا بمعالجة الحال الناتجة عن الأسباب وما دامت الأسباب باقية فلن تنتفي المشكلة وستظهر بين الحينة والأخرى فعلى السلطة إذا أرادت الأمن لهذا البلد أن تعالج أسباب المشكلة».
وأكد سلمان أن العاطلين عن العمل أفراداً أو لجنة تنظيمية سلميون في حراكهم الأهلي ومطالبتهم المشروعة بالحقوق وأنهم في الإطار العام لا ينتهجون العنف وسيلة لتحقيق مطالبهم. مشيراً إلى «أن حوادث العنف (...) تكون ناتجة عن مشاركة مندسين من خارجهم». كما أدان سلمان الاعتداء على أحد المواطنين المنتسبين إلى لجنة العاطلين عن العمل في الأسبوع الماضي، وذلك «لثني العاطلين عن تنظيم مسيرات وفعاليات مطالبة بحقوق العاطلين عن العمل ومتدني الأجر»، ووصف رد وزارة الداخلية بعدم علمها عن هذا الحادث بأنه «غير مقبول».
http://www.alwasatnews.com/topic.asp?tID=7...ydate=12-3-2005