كان يمكن أن أستمر مع الطويل والقصير ، لولا أن مقتضيات "الدجل" و"الدجيل" ، ومسرحية "غباء بلا حدود" وجمهورها الذي احضر معه "علفاً" يشاهد ويقضم برسيماً جافاً ويضحك ملئ شدقيه ، تفرض نفسها على واقع الحال والمآل

لن أنسى الطويل "الغبي" ، ولقد صدق شاعرتا عندما قال " وكل طويل لا يخلى من هبل" ، هذا الطويل قال "العراق عاد إلى أهله" ، استوقفتني هذه الجملة فترة طويلة محاولاً إعرابها صراحة وتضمينا ، ماذا كان يقصد هذا الطويل؟

هل العراق "طفل أبله" فقد طريق بيته وضاع ، ثم بعون "مؤامرة" رجع إلى أهله ؟؟ وهل كان العراق مثلاً "أسيرا" عند الجيران ثم قفل راجعاً إلى أهله "؟؟ أم هل كان "مسروقاً " وتم استرجاعه؟ أم أن أحداً استعاره وبعد الانتهاء منه أعادوه إلى أهله؟ أم أن أهله زوجوه "متعة" لعابر سبيل وانتهت فترة الإعارة ؟؟

هذه جملة قالها الطويل ، أخذت مني الكثير وأنا أقلبها ذات اليمين وذات الشمال ، وأضع "حسن نية " هنا ، و"سوء نية هناك " ، محاولاً أن احل طلاسمها

لو كان يقصد "الحكم " لقال الطويل "حكم العراق عاد إلى أهله " ، ولكان أتبعها بعبارات من شاكلة "الشعب العراقي يحكم العراق " ، ولكان لف ودار بحيث يجنبني ما ألا أود أن أفكر فيه

قالها ساذج بعيد الاحتلال " لقد انتهى الاحتلال العربي للعراق" ، كيف لي أن لا اربط الطويل بالساذج ؟ ومن هم أهله الجدد ؟ وما علاقتهم ب "رستم" و "هرمز" ؟؟ وما صلة القرابة بينهم ؟؟ ولماذا يتم قتل كل طيار تجاوز على "فارس" ؟؟ وهل نحن بحاجة لقادسية ثالثة لنبعد "كسرى " عن " الحيرة " ؟

أنا آسف جداً من وصفي له بـ"الأهبل" ، هو صادق قال من دون مواربة خفايا الأمور ، ولم يتغطى جيداً بمعطف " التقية" كما يفعل باقر جبر بيان صولاغ الزبيدي والعكس لا يضر

والقصير لا يخلو من "الخبث" ، بل أنه يمارس الخبث " فرضاً وسنة " ، واستوقفتني لحظتان لهذا القصير

القصير يقف خلف الطاولة ومع وقوفه لا تكاد تميّز وقوفه من جلوسه ، هو لا يخاطب القاسم ولا الطويل ولكنه يخاطبني أنا وبالذات أنا

يقول يا مسلمين ادعوا الله أن ينصر مقاومتنا ، ويعلو صوته مخترقاً حنايا القهر في قلبي ، أقفز من فوق الأريكة صارخاً بلا وعي " آمين" ، وزوجتي التي لم تعهد بي إيمانا منذ أن اقترنت بي رسمت دهشة على وجهها لم أشاهدها من قبل ، استدركت قبل أن تترجم دهشتها إلى سيل من التحقيقات ، نعم أقول "آمين" ولا تسألينني لماذا ، أقولها من كل قلبي لأنني محتاج لهذا النصر كما أحتاج للحياة نفسها

يتماها الشيخ القصير ، ويلف العزة مع المغالاة مع الخبث ، ويطلقها مدوية أن شروط المقاومة لفك الحصار عن جيش الاحتلال هي إن يسلموننا تلك الشلة في المنطقة الخضراء وسنسمح للاحتلال بالمغادرة بسلام

لله درك يا شيخ ، لقد تململ "المتنبي " في قبره ، ولم يظن أنه سيأتي في أخر الزمان من يجرؤ على المراودة عليه بالفخر

يا قصير لو قام المتنبي من قبره الآن لقال فيك شعراً تبدو أمامه مقطوعة " تخر لها الجبابرة ساجدينا" تبدو مثل "السح الدح امبو " أمام " الأطلال وهذه ليلتي" .

لكن رويدكم خطر لي ما لم يكن بالحسبان ، ماذا لو كان المتنبي صفوياً؟؟

اهرب يا شيخ سيقول فيك المتنبي ما لم يقله في "ضبة"

يتبع